أحدهما: أن كتاب العين مطعون عليه، معيب عند كبراء البصريين لا يرونه حجة فيما يتفرد به ولا يوجد في غيره، لأن فيه خطأ كثيرًا الخ ...
والوجه الثاني: أنه لو صح قولهم (تأمهت أمّا) لم يدلّ على أن الهاء أصلية، لأنّا قد وجدنا العرب ربّما صرّفوا من الكلمة المزيد فيها فعلا فحذفوا الزيادة كقولهم في تصريف الفعل من الشمال: شملت الريح، وربما تركوا الزيادة في الفعل على حالها، كقولهم في تصريف الفعل من القلنسوة: تقلنس الرجل، ومن المسكين تمسكن، فتركوا الميم والنون وهما زائدتان، فوزن تقلنس تفعنل، ووزن تمسكن تمفعل، فإذا كان هذا معلومًا من هذا منهم، لم ينل أن يكون تأمهت من هذا الباب، فتكون الهاء زائدة كزيادتها في أمهة، ويكون وزن تأمهت تفعلهت.
فإن قائل قال: أمهة: إن الهاء هي الأصل، ووزنها فعّلة، وتكون أمّ محذوفة منها، فتكون بمنزلة شفة وسعة وعضة.
فالجواب أن هذا يبطل من وجوه: منها أن هذا التوهم لو كان صحيحًا لكانت الميم في أمّ مخففة، ولم تكن مشددة، لان تشديد الميم يوجب أن يكون وزن أمّ فُعْل، لام الفعل منها ميم، ولام الفعل من أمهة على هذا الرأي هاء، يدل هذا على أن أمًّا ليست محذوفة من أمهة، ويشهد بصحة ذلك قول أم بثينة الأشعرية: وما كنت أمًّا، فهذا يدل على أن الميم من أم مضاعفة، ومنها أن حروف الزوائد، والهاء أحدها، إنما سماها النحويون حروف الزوائد، ولم يسمع أنها حروف الحذف، وإن كان منها ما يحذف في بعض المواضع، لأن الأغلب عليها أن تزاد، لا أن تحذف، فنسبت إلى حروف الزيادة التي هي أغلب عليها، وإذا جاء منها حرف يحتمل الزيادة والحذف، لزم أن يحكم عليه بالزيادة التي هي أمّ الباب فيه، حتى يقوم دليل على الحذف الذي هو أقلّ حاليْه. هذا هو محض القياس وطريقه.