ومنها أن الذين تكلموا في الاشتقاق، لا نعلم أحدًا منهم جعل الأم مشتقة من أم، وإن قال بعضهم إنها مشتقة من أمَّ يؤُمُّ، إذا قصد، سميت بذلك لأن ولدها يؤمها ويتبعها.
وقال بعضهم: سميت أمّا لأنها أصل الولد، وأم كل شيء أصله، كما قالوا لمكة أم القرى، وقالوا لفاتحة الكتاب أم القرآن، ويقال فلان أم القوم وأمير القوم، إذا كان مَفْزَعًا لهم، وأصلاً يرجعون إليه ويقسمون به، قال ابن مقبل يمدح عثمان بن عفان رضي الله عنه:
وملجإ مهروئين يُلفي به الحيا ... إذا جلّفت كحلٌ هو الأم والأبُ
وقد سمّى الله تعالى النارَ أمّ الكافر، لأنها مجمع الكفار ومقرهم فقال:(فأمُّه هاوية)[القارعة: ٩] وقال العجاج:
ما عندهم من الكتاب أمُّ
أي أصل يرجعون إليه، فهذا كله يدل أن أصل هذه الكلمة عندهم الأم دون الأمهة.
وأما قولك هل لزيادتها نظير في كلام العرب، فإن الهاء المزيدة نوعان: نوع متفق على زيادته، ونوع مختلف فيه:
فمن المتفق عليه زيادة الهاء في الندبة كقولهم: وازيداه، وفي الإنكار كقولهم لزيدنيه، وفي الوقف كقوله تعالى:(ما أغنى عني مالِيَهْ)[الحاقة: ٢٨].
ومن المواضع المختلف فيها قولهم: هجرع للطويل، وهبلع للكثير الأكل وامرأة