المضاف إليه مقامه، فلا بد عنده من ذبح الجنين إذا خرج حيًا. ومنهم من يرويه بنصب الذكاتين، أي ذكوا الجنين ذكاة أمه. انتهى.
وقد ألف ابن جني في إعراب هذا الحديث رسالة قال فيها:
قد تنوع القول في هذا الحديث، وأولاها بالصواب وأجراها على مقاييس العربية وصناعة الإعراب، ما ذهب إليه أبو حنيفة من أن تقديره: ذكاة الجنين مثل ذكاة أمه، فحذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه، فأعرب حينئذ إعرابه، ومثل ذلك في حذف المضاف كثير، وذلك أن قوله (ذكاة الجنين) مبتدأ محتاج إلى خبر، وخبره إذا كان مفردًا - أعني غير الجملة - فلا بدّ أن يكون هو المبتدأ في المعنى بما ذكرنا، وذلك قولك للنائب عنك: قبضُك قبضي، وعقدُك عقدي، أي قَبْضي قبضُك، وعقدي عقدك، أي قبْضك يقوم مقام قبضي، وعقدك يقوم مقام عقْدي لو عقدت، فثبت قبض مخاطبك وعقده حقيقة، وقبضك وعقدك أي مجازًا لا حقيقة، بل تكون منفية عنك.
فعلى هذا كان يجب أن يكون معنى قوله عليه السلام:(ذكاة الجنين ذكاة أمه) إثبات الذكاة للجنين ونفيها عن الأم، وليس الأمر عند أحد كذلك، إنما الأمر عند أبي حنيفة أنهما جميعًا واجبتان، وعند غيره أن ذكاة الأم قد أغنت عن ذكاة الجنين، وليس أحد يوجب بهذا الخبر الذكاة للجنين دون الأم، فعلمت أنه لو أريد المعنى الذي ذهب إليه من خالف أبا حنيفة، لكان لفظ الخبر: ذكاة أم الجنين ذكاته، فقوله صلى الله عليه وسلم:(ذكاة الجنين ذكاة أمه) لا يصرف له لما قدمناه وأخرناه، إلا أنه إلى أنّ معناه: ذكاة الجنين مثل ذكاة أمه في الوجوب والإهلال، وهذا متناه في وضوحه.
وأما رواية من روى هذا الخبر (ذكاةُ الجنين ذكاةَ أمه)، فيضعف في القياس، وذلك أنه لا يخلو أن ينصب (ذكاةَ أمه) بشيء ملفوظ أو بشيء مقدر غير ملفوظ به،