سئلت قديمًا عن وجه نصب (زنة عرشه) فأجبت بأنه نصب على الظرف، فاستغربه جاهلون، وخلطوا فيما ليس لهم به علم، فألفت في ذلك تأليفًا سميته: رفع السِّنَة في نصب الزِّنَة، وها هو ذا:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الذي لا تأخذه سنة ولا نوم، ولا يقدر لعرشه زنة، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي نزل عليه أفصح الحديث وأحسنه وبعد، فقد سئلت عن وجه النصب في قوله صلى الله عليه وسلم:(سبحان الله وبحمده، زنة عرشه ورضى نفسه وعدد خلقه ومداد كلماته)، والجواب عندي أن هذه الكلمات الأربع منصوبات على تقدير الظرف، والتقدير: قدرَ زنة عرشه، وكذا البواقي، فلما حذف الظرف قام المضاف إليه مقامه في إعرابه، فهذا الإعراب هو المتجه المطرد السالم من الانتقاض.
وقد ذكر السائل أنه هل يصحّ أن يكون منصوبًا على الحال أو المصدر أو على حذف الخافض؟
وأقول: أمّا النصب على المصدر فقد ذكره المظهري في "شرح المصابيح" قال: (عدد خلقه) منصوب على المصدر، أي: أعدّ تسبيحه وتحميده بعدد خلقه، وبمقدار ما يرضاه خالصًا، وبثقل عرشه ومقداره بمقدار كلماته.
وسبقه إلى ذلك الأشرفي في شرحه قال:(عددَ خلقه) وكذلك ما بعده منصوب على المصدر أي: سبحته تسبيحًا يساوي خلقَه عند التعداد، وزنة عرشه ومداد كلماته في المقدار يوجب رضى نفسه. انتهى.