الأول: أنه تقدير ما لا حاجة إليه، لأن المصدر مصرح به في اللفظ، فأي حاجة إلى تقدير مصدر آخر؟
الثاني: المصدر المذكور منصوب بفعل مقدر، فإذا قدر منصوب آخر، لزم منه تقدير ثلاثة: فعل المصدر الظاهر، والمصدر المقدر، وفعل آخر له، لأن الفعل الواحد لا ينصب مصدرين، ولا ضرورة تدعو إلى ذلك.
الثالث: أن الكلام لا يصحّ إلاّ بتقدير شيء آخر، لأنّ التسبيح ليس نفس الزنة، فيكون التقدير: مثل زنة عرشه، وإذا آل الأمر إلى تقدير "مثل" فالمراد المثلية في المقدار، فرجع إلى ما قلناه من الظرفية، وخصوصًا أن قوله:(رِضى نفسه) لا يصح فيه تقدير المِثْلية، ولهذا قال الأشرفي: يساوي خلقه عند التعداد، وزنة عرشه في المقدار، ويوجب رضى نفسه، فأخرجه عن حيّز المساواة. وتقدير (قدر) صحّ فيه، أي قدرًا يبلغ رضى نفسه.
فإن قلت بقي وجه إبطال الحال، قلت: إذا قدر أسبح أو أقول سبحان الله موازنًا لعرشه، فإن جعل حالاً من الفاعل نافره كون "زنة عرشه" وما بعده جاريًا على (سبحان) لا على قائله. أو من المفعول نافره أن المفعول هنا مطلق، والمعهود مجيء الحال من المفعول به. ولا يمكن كونه من المضاف إليه، كما لا يخفى ولا يطرد التقدير بالمشتق في (مداد كلماته) كما هو ظاهر. فبطل الحال، وبقي من الوجوه الممكنة في إعرابه أربعة:
أحدها: أن يجعل مفعولاً به لفعل أو وصف مقدر، أي: يبلغ زنة عرشه، أو: بالغًا زنة عرشه.
الثاني: أن يكون القول مقدرًا، و (سبحان الله) مفعول أول، و (زنة عرشه) مفعول ثان على لغة من يجري القول مجرى الظنّ بلا شرط.
الثالث: أن يكون خبرًا لكان مقدرة هي واسمها ضمير راجع إلى التسبيح.