الطيبي: وفيه نظر لأنهما إذا كانا حالين من خبر كان وذو الحال إما المستقر المرفوع أو المجرور، ولا يجوز الأول لأن المعنى يأباه كل الإباء، فتعيّن الحمل على الثاني، فالعامل هو متعلق الخبر.
وقال المظهري: هما بدلان من الضمير المجرور، وفتحا لأنهما غير منصرفين، وعلى التقدير يلزم إضمار قبل الذكر، والأولى أن يقال إنه ضمير مبهم تفسيره ما بعده على أنهما كقوله تعالى:(فقضاهن سبع سماوات)[فصلت: ١٢] وهو تمييز.
وقال الشيخ ولي الدين السبكي في كتابه:(نيل العلا في العطف بلا): قد استعملت في كلامي: وكأني بك، لأن الناس يستعملونه، ولا أدري هل جاء في كلام العرب أم لا، إلا أن في الحديث:"كأني به" فإن صح فهو دليل الجواز، وفي كلام بعض النحاة ما يقتضي منعه، وقال أبو علي الفارسي في "القصيريات" في قولهم: كأنك بالدنيا، ولم تكن: إن الكاف للخطاب والباء زائدة، والمعنى كأن الدنيا لم تكن، وكذلك صنع في كأني بكذا لم يكن، انتهى ما ذكره السبكي.
وقد ألف الإمام جمال الدين بن هشام في إعراب هذا الحديث رسالة وها أنا أسوقها هنا للاستفادة، قال:
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله حمدًا يوافي نعمه، ويكافئ مزيده، اختلف في:(كأنّك بالدنيا لم تكن وبالآخرة لم تزل) في مواضع، أحدها: في تعيين دليله. والثاني: في معنى كأنّ. والثالث: في توجيه الإعراب، فأمّا قائله فاختلف فيه على قولين: أحدهما: أنه صلى الله عليه وسلم، والثاني: أنه الحسن البصري، وقد خبر بهذا جماعة منهم الشيخ أبو عبد الله محمد بن عمرون الحلس في "شرح المفصل"، وأبو حيان في "شرح التسهيل".
وأما معنى كأنّ، فاختلف فيه أيضًا على قولين، أحدهما للكوفيين: زعموا أنها