قال الزركشي: قيل إنه من أمر الغائب. وسهله تقدم المغرَى به في قوله:(من استطاع منكم) فأشبه إغراء الحاضر.
وقال ابن عصفور: الباء زائدة في المبتدأ، ومعناه الخبر لا الأمر، أي: وإلا فعليه الصوم. وقيل: هو من أمر الحاضر المخاطب، والمعنى: دلّوه على الصوم، أي: أشيروا عليه بالصوم. انتهى.
وقال الأندلسي في "شرح المفصل": الإغراء لا يكون إلا للمخاطب بأن يقام بعض الظروف مقام الأمر للمخاطب خاصة. لكونه أخص، فإنه يكون بغير لام، وأمر غيره من الغائب والمتكلم يحتاج إلى اللام فيه، فلا يقام الظرف مقام شيئين: أعني اللام والفعل على أنه قد جاء: (فإن لم يستطع فعليه بالصوم). وإنما حسن في هذا الحديث لتقدم الخطاب في أول الحديث (عليكم بالباءة) فكأنه قال: (فمن لم يستطع منكم)، فالغائب في الخبر في معنى المخاطب.
وقال في موضع آخر: الإغراء إنما يكون مع الخطاب، فلا يجوز: عليه زيدًا. فأما ما يحكى عن بعض العرب: عليه رجلاً ليسني. فشاذ، وأما: فعليه بالصوم، فلأن المعنيّ بعض المخاطبين، من كان ترك الاستطاعة لا يعمّهم، ومنهم مستطيع وغير مستطيع، فلم يمكن الخطاب بالإغراء، فأغرى الذي لا يستطيع، ودله على الصوم، بلفظ الغيبة ليكسر منه دواعي الجماع فكأنه في موضع: فمن لم يستطع فدلوه على الصوم.
وقال في موضع آخر: قوله عليه السلام: فعليه بالصوم، أسهل من قولهم: عليه رجلاً ليسني، لأنه قد جرى للمأمور ذكر، فصار بالذكر الذي جرى له كالحاضر، فأشبه أمره كأمر الحاضر انتهى.