بعدها، ونفيه عما عداه، فهي بمعنى ما النافية المذكور بعدها إلا نحو:(إنما إلهكم الله)[طه: ٩٨]، أي: ما إلهكم إلا الله، فهي بحرف إنّ التي للتحقيق تثبت الحكم للمذكور، وبلفظة (ما) تنفيه عما عداه. واعترض عليه بمنع كون ما للنفي، وإلا لصدرت، وأيضًا "إنّ" لها الصدر، فكيف يجتمعان؟ فالأولى أن تجعل ما زائدة للتأكيد كهي في ليتما وأخواتها. وإنّ لتأكيد الإثبات، وتضاعف التأكيد يفيد القصر، والمعنى: ليست الأعمال حاصلة إلا بالنية. ولا بد هنا من إضمار، لأنه لم يرد نفي ذات الإعمال، لثبوتها حتمًا وصورة من غير اقتران النية بها، وإنما المراد نفي صحتها أو نفي فضيلتها، وكمالها، لكن إضمار الصحة أولى لأنه أقرب إلى نفي الذات، من إضمار الفضيلة، لأن نفي الصحة مستلزم لنفي جميع الصفات التي للذات. كما أن نفي الذات مستلزم لذلك. ولا كذلك نفي الفضيلة، والتقدير: إنما صحة الأعمال واعتبارها بالنيات.
واللام في (الأعمال) إما للعموم، ويكون قد خصّ بالبعض (بالإجماع)(أو) للمعهود من الشرع، قيل: وهي العبادات لعدم اقتصار غيرها إلى النية. انتهى.
وقال الطيبي: قول الشيخ محيي الدين (إنما) موضوعة للحصر تثبت المذكور وتنفي ما عداه مستقيم، إذا لم يتعرض في قوله أنّ (إنّ) للإثبات، و (ما) للنفي، كما صرح به الأكثرون، وهو غير مستقيم، لأن (ما) ليست نافية بل هي كافة مؤكدة.
روى صاحب "المفتاح" عن علي بن عيسى الربعي أن إفادة الحصر من (إنّما) كانت لتأكيد إثبات المسند للمسند إليه، ثم لما اتصلت بما المؤكدة لا النافية على