والغرض من ذلك كله الاستفهام على طريقة الإنكار، وقد ذكر ذلك كله سيبويه في كتابه، وسمعت هذا كله في الحديث من شيخنا أبي محمد بن الخشاب. انتهى.
وقال الزمخشري في "المفصل": من أصناف الحرف حرف الإنكار، وهي زيادة تلحق الآخر على طريقين.
أحدهما: على طريقة أن يلحق وحدها بلا فاصل كقولك: (أزيد نيه).
والثاني: أن يفصل بينها وبين الحرف الذي قبلها وأن تكون مزيدة كالتي في قولهم: ما إن فعل، فيقال: أزيدًا إنيه.
قال ابن يعيش في "شرحه": هذه الزيادة حرفٌ من حروف المد، كالزيادة اللاحقة للنُّدبة. وذلك على معنيين:
أحدهما: أن ينكر وجود ما ذكر وجوده، ويبطِله كرجل قال:(أتاك زيد)، وزيد ممتنعٌ إتيانُه، فينكره لبطلانه عنده.
والوجه الآخر أن ينكر أن يكون على خلافِ ما ذُكر، كقوله:(أأتاك زيد)، فتنكر سؤاله عن ذلك، وزيد من عادته أن يأتيه. ومن العرب من يزيد بين الأول، وهذه الزيادة زيادة تفصل بينهما، وتلك الزيادةُ (إن) التي تزاد للتأكيد في نحوِ ما إن فعل. كأنهم أرادوا زيادة علم الإنكار للبيان والإيضاح، فزادوا أيضًا (إن) توكيدًا لذلك المعنى، وذلك كقولك في جواب (ضربت زيدًا): (أزيدًا إنيه)، أبقيت الاسم على حاله من الإعراب، وزدت بعده (إن) لما ذكرناه، ثم كسرت النون لالتقاء الساكنين على حد الكسر في التنوين، فحرف المد زائد للإنكار، و (إن) للتأكيد، والهاء لبيان حرف المد، وحرف النفي، أي: في الأول للإنكار، والهاء للوقف انتهى.