وفي الحديث إشكال من جهة أخرى، وهو أنه تقدم الاستثناء الواقع فيه جمل، فإن أعدته إلى الجميع وبنينا على أن العامل في المستثنى ما قبل (إلا) من فعل أو معناه بواسطتها - كما يراه البصريون - لزم اجتماع عوامل على معمول واحد، وهو باطل على ما تقرر في علم النحو، وإن أعدته إلى الجملة الأولى فقط، لزم الخلف في الخبر، وذلك أن التقدير حينئذ: لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي أو نصراني إلا إذا كان من أصحاب النار. وكم من يهودي ونصراني يسمع به بعد البعثة ولا يكون من أصحاب النار، بأن يسلم ويموت على الإسلام، وإن جعلته راجعًا إلى ما بعد الجملة الأولى فقط على ما فيه صارت الجملة الأولى لا تعرض فيها إلى الاستثناء، فيلزم الخلف، إذ كثير من اليهود والنصارى يسمع به بعد البعثة، هذا آخر السؤال.
فكتبت في الجواب ما نصّه: قال ابن مالك في " التسهيل " في تقرير القاعدة التي من أفرادها هذا الحديث: ويليها - أي:(إلا) - في النفي فعل مضارع بلا شرط، وماض مسبوق بفعل أو مقرون بقد.
وقال في شرحه: مثال المضارع ما كان زيد إلا يفعل كذا، وما خرج زيد إلا يجر ثوبه، وما زيد إلا يفعل كذا.
ومثال الماضي مسبوقًا بفعل: قوله تعالى: (وما يأتيهم من رسول إلا كانوا به