قال ابن مالك في شرح الكافية: الشائع في التحذير أن يراد به المخاطب، وقد يكون للمتكلم كقول من قال:"إياي وأن يحذف أحدكم الأرنب". أي: نَحِّ عني حذف الأرنب، ونح حذف الأرنب عن حضرتي.
وقال في توضيحه في قول عمر:(إياي ونعم ابن عوف) شاهد على تحذير الإنسان نفسه، وهو بمنزلة أن يأمر نفسه.
ونظيره: إياي أن يحذف أحدكم الأرنب، وقال ابن النحاس في التعليقة: هذا قول عمر رضي الله عنه، قال شيخنا ابن عمرون: هذا وإن كان تقديره: باعدني عن حذفها عني، فإن المراد النهي عن حذفها لا غير لأن الحذف لا يحل الصيد إذا قتل. والغالب قتل الأرنب بالحذف، ولو قال: لا تحذفوا الأرنب لم يكن فيه من المبالغة في النهي ما في هذا الكلام.
قال: ومما نبه عليه سيبويه: أنه لا يجوز في هذا المعطوف أن يقال بغير واو نحو: إياك والشر.
قال ابن عمرون: لأن الفعل المقدر لا يتعدى إلى اثنين فلا بد من الواو في الثاني، وقد جاء حذفها في الشعر فإن أبدلت الواو بمن نحو: إياك من الأسد، وإياي من أن يحذف، جاز إن تعدى الفعل بمن، ويجوز حينئذ في إياك من أن يحذف أحدكم الأرنب حذف من منها حرف الجر يحذف من أنّ وأنْ قياسًا مطّردًا.
قلت: وعلى هذا يخرّج إيّاي أن تتخذوا، أي: من أن تتخذوا. وقال ابن فلاح في المغني: إنما نهى عمر عن حذف الأرنب بالعصا لأنها إذا ماتت بحذف العصا لم تحل، والتحذير للمخاطبين لا له وفي تقديره وجهان: أحدهما للزَّجاج: أن التقدير إيّاي وإيّاكم أن يحذف أحدكم الأرنب فحذف إياكم لدلالة أحدكم عليه.
والثاني: أنه لا حاجة إلى تقدير إياكم لأنه قد علم أن التحذير للمخاطبين من