للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولٍ إلا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ} [إبراهيم: ٤].

وأما المسلم غير العربي فيجب عليه أن يتعلم من لسان العرب ما بلغه جهده، ليستطيع تحقيق الإيمان, وأداء العبادات، وقراءة القرآن وذكر الله تعالى، كما قال الشافعي في الرسالة (١)، وقد كان فضل القرآن على العرب عظيمًا جدًّا، فوحد لغاتهم وجمع شملهم، وحفظ اللغة من التطور والتغيير والتبديل (٢).

ويتفرع عن ذلك أنه لا يصح تغيير لفظ في القرآن الكريم بلفظ مرادف له، وإن كان مطابقًا له في المعنى، كما لا يصح ترجمته، ونقله إلى لغة أخرى؛ لأن القرآن الكريم كلام الله تعالى نزل باللفظ العربي.

٤ - المنقول إلينا بالتواتر: التواتر في اللغة: التتابع، وفي الاصطلاح: هو ما رواه جماعة عن جماعة، يؤمن تواطؤهم على الكذب، والتواتر يفيد العلم اليقيني الذي لا يحتمل غيره، والقرآن الكريم وصل إلينا بالتواتر، فكان صحابة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتلقون القرآن الكريم عنه، ويحفظونه بقلوبهم، ويكتبونه على الألواح، وبلغ عدد كتّاب الوحي أربعين صحابيًّا، بينما يسمع بقية الصحابة القرآن، ثم انتقل عن جمهور الصحابة إلى جماهير التابعين الذين حفظوه أيضًا في الصدور والكتب، ونقلوه إلى من بعدهم حتى وصل إلينا كما نزل عن طريق التواتر جيلًا بعد جيل، كتابة ومشافهة في كل عصر بما يؤمن تواطؤهم على الكذب.

ويشترط في التواتر أن يبلغ عدد الرواة حدًّا يحيل العقل تواطؤهم


(١) ص ٤٨.
(٢) قال القرطبي رحمه الله تعالى في تفسير قوله تعالى: {وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ} [الزخرف: ٤٤] قال: "فالقرآن نزل بلسان قريش، وإياهم خاطب، فاحتاج أهل اللغات كلها إلى لسانهم، كل من آمن بذلك، فصاروا عيالًا عليهم" تفسير القرطبي: ١٦/ ٩٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>