للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الكذب، وأن يتوفر هذا العدد في كل طبقة على مر الزمان وتعاقب القرون، واختلف العلماء في العدد الذي يتحقق به التواتر، ولكنهم اتفقوا على الضابط فيه وهو أن تشعر النفس باليقين والطمأنينة فيهم.

وهذا النقل بالتواتر هو من فضل الله على هذه الأمة بحفظ كتابها، لأن حفظ القرآن هو أساس حفظ الشريعة، ومصدر الفقه الإِسلامي الذي توزن به أعمال المسلمين، وأن النقل بالتواتر كتابة وحفظًا جعل القرآن الكريم قطعي السند، فإن ثبوته يقيني لا مجال للشك فيه، ولا يحتمل الخطأ والتغيير، فالقرآن قطعي الثبوت.

واتفق المسلمون جميعًا على أن اللفظ أو القراءة غير المتواترة لا تعتبر قرآنًا، ولو كانت مشهورة، ولا تصح بها الصلاة، ولا يتعبد بتلاوتها، كالقراءة الشاذة والمشهورة؛ لأنه يستحيل في العرف والعادة أن يهمل ذلك، ولا ينقل بالتواتر مع توفر الدوافع على حفظه (١).

٥ - المتعبد بتلاوته: هذه خاصيّة مهمة في القرآن الكريم تميزه عن غيره، وتفتح أمام المسلم بابًا من أبواب العبادة، فالقرآن الكريم كلام الله تعالى، ولذا فإن تلاوته وقراءته عبادة، سواء كانت من الحفظ أم من المصحف، قيامًا أم قعودًا، في السفر أم في الحضر، في الليل أم في النهار، وجاءت أحاديث كثيرة تبين ذلك، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من قرأ حرفًا من كتاب الله فله به حسنة، والحسنة بعشر أمثالها, لا أقول: الم حرف، ولكن ألف حرف ولام حرف وميم حرف" (٢)،


(١) المستصفى: ١ ص ١٠١، ١٠٢، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١٤٤٨، أصول التشريع الإِسلامي: ص ١٩، مختصر ابن الحاجب: ص ٤٩، تيسير التحرير: ٣ ص ٦، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٨٨، القواعد والفوائد الأصولية، ابن اللحام: ص ١٥٥، إرشاد الفحول: ص ٣٠.
(٢) رواه الترمذي، وقال حسن صحيح، ورواه الحاكم.

<<  <  ج: ص:  >  >>