للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تجاربه الخاصة في الحياة، كالتجارة والزراعة وقيادة الجيش ووصف الدواء وغيره، فهذا لا يعتبر حجة ولا تشريعًا، وكان هذا المعنى واضحًا في ذهن الصحابة، فيسألون رسول الله عن مثل هذه الأمور، وهل هي من عند الله أم من الخبرة، قال الحباب بن المنذر في غزوة بدر: أهذا منزل أنزلكه الله، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟ فقال - صلى الله عليه وسلم -: بل هو الرأي والحرب والمكيدة، فقال الحباب: ليس هذا بمنزل، وأشار بإنزال الجند في مكان آخر قريب من الماء ليقطع على العدو الشرب (١)، وعندما مر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على أهل المدينة وهم يؤبرون النخل أشار عليهم بالترك فتركوا، فلم تحمل الأشجار فشَكَوْا إليه، فقال لهم: "أبروا، أنتم أعلم بأمور دنياكم" (٢).

٤ - الخصوصيات: وهي الأمور التي قالها أو فعلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقام الدليل على أنها خاصة به أو بأحد الصحابة، وليست تشريعًا لغيره، كزواجه بأكثر من أربع زوجات، واكتفائه في إثبات الدعوى بشهادة خُزَيمة وحده في مجال إثبات الواقعة، أما الحكم فهو تشريع، وإباحة الوصال في الصيام للرسول دون غيره، واختصاصه بوجوب التهجد في الليل وصلاة الضحى والوتر، والتخيير لنسائه، ودخوله مكة بغير إحرام (٣).

قال الشافعي رحمه الله تعالى: "افترض الله عَزَّ وَجَلَّ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أشياء خففها عن خلقه ليزيده بها إن شاء الله قربة إليه وكرامة، وأباح له أشياء حظرها على خلقه زيادة في كرامته، وتبيين فضيلته، مع


(١) سيرة ابن هشام، ٢ ص ٦٢٠.
(٢) رواه مسلم عن طلحة وعائشة، جامع الأصول: ١٠ ص ٣٥٤.
(٣) إرشاد الفحول: ص ٣٥، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١٥٩، أصول الفقه، الخضري: ص ٢٦٢، أصول الفقه، خلاف: ص ٤٧، ط ٧، شرح الكوكب المنير: ٢ ص ١٧٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>