للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحاولوا الاعتماد على بعض الآيات القرآنية لتأويلها حسب هواهم، وتحميلها ما لم تحتمل، مثل قوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام: ٣٨] وقوله تعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: ٨٩] وقالوا: لا حاجة للسنة لأن القرآن بيَّن كل شي، ولم يفرط في أمر من الأمور، وبالتالي فالسنة ليست مصدرًا تشريعيًّا للأحكام (١)، وأضافوا إلى حجتهم الحديث الذي ينكر استقلال السنة بالتشريع، وأن ما ورد فيها يجب عرضه على كتاب الله، فإن لم يوجد في القرآن فيجب رده، ونسبوا الحديث إلى ثوبان عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "ما أتاكم عني فاعرضوه على كتاب الله، فإن وافق كتاب الله فأنا قلته، وإن خالف فلم أقله".

ويرد على هذه الفئة بما يلي:

١ - إن الآيات الكريمة! السابقة في حجية السنة ترد مزاعمهم وتبطل حججهم، وتفند أدلتهم، وهي نصوص صريحة واضحة في اعتبار السنة مصدرًا تشريعيًّا في الأحكام.

٢ - إن الآيتين الكريمتين اللتين استندوا إليهما لا تدلان على هذا الفهم، وإن القرآن الكريم تبيان لكل شيء بما ورد فيه من أحكام، وبما أشار إليه من مصادر، وما تضمنه من قواعد عامة وأحكام مجملة بينتها السنة.


(١) كتاب جماع العلم للإمام الشافعي، مطبوع مع الأم: ٧ ص ٢٥٠، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٩٠، الوسيط في أصول الفقه الإِسلامي: ص ٢٤٨، الموافقات: ٤ ص ١١، أصول السرخسي: ١ ص ٢٨٣، ومما قاله الشاطبي رحمه الله تعالى: "إن الاقتصار على الكتاب رأي قوم لا خلاق لهم، خارجين عن السنة، إذ عولوا على ما بنيت عليه من أن الكتاب فيه بيان كل شيء، فاطرحوا أحكام السنة، فأداهم ذلك إلى الانخلاع عن الجماعة، وتأويل القرآن على غير ما أنزله الله".

<<  <  ج: ص:  >  >>