للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلا يجب عليه، كحضور العدد في صلاة الجمعة، ونوع يقدر المكلف على فعله، مثل صيام جزء من الليل حتى يكون صوم النهار الواجب صحيحًا، ومثل غسل جزء من الرأس، حتى يكون غسل الوجه الواجب في الوضوء صحيحًا، فهذا النوع واجب باتفاق العلماء (١)، وهو المقصود من مقدمة الواجب، وقاعدة "ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب".

لكنهم اختلفوا في دليل الإيجاب، هل هو نفس دليل الواجب الأصلي، أم هو بدليل جديد؟ أي هل إيجاب الواجب يدل على إيجاب مقدمته أم لا يدل عليها، ولا بد من إيجاب جديد (٢)، اختلفوا على عدة مذاهب نذكر اثنين منها:

الأول: مذهب الجمهور وهو أن دليل الواجب يدل على وجوب المقدمة، سواء أكانت سببًا أم شرطًا، لأن التكليف بالواجب بدون التكليف بمقدمته يؤدي إلى التكليف بالمحال، وهو ممنوع، وأن السعي إلى تحصيل أسباب الواجب واجب، وأن السعي في تحصيل أسباب الحرام حرام، باتفاق، فكان دليل الواجب دليلًا للمقدمة.

الثاني: وهو عكس الأول، وهو أن مقدمة الواجب لا تجب بإيجاب الواجب، وإنما تحتاج إلى إيجاب جديد، لأنه لو وجبت المقدمة بدليل الواجب الأول لوجب التصريح بها، مع أن المقدمة لا يصرح بها، أو لكانت واردة في ذهن المخاطب مع أنه كثيرًا ما يغفل عنها، فإثبات


(١) أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٢٠، المستصفى: ١ ص ٧١، فواتح الرحموت: ١ ص ٩٥، المدخل إلى مذهب أحمد: ص ٦١، مختصر ابن الحاجب: ص ٣٨، تيسير التحرير: ٢ ص ٢١٦.
(٢) يعبر عن ذلك أمير بادشاه بقوله: أي ما يتوقف عليه الواجب وجوبه بسبب وجوب ذلك الواجب، تيسير التحرير، له: ٢ ص ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>