للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السبب حتى يزول العذر، فهذا العذر اتصل بالسبب، ومنعه من العمل (١)، مثل إفطار المسافر والمريض في رمضان، فهذا رخصة مع قيام السبب وهو شهود الشهر الثابت، وتراخي الحكم، وهو وجوب الصوم وحرمة الإفطار في أيام أخر، وبما أن السبب قائم فيجوز لهما الصوم، وبما أنه يجب الصوم عليهما على التراخي إلى أيام أخر، فلا يجب عليهما الفدية إذا ماتا قبل وجوب الأيام الأخر.

وحكم هذا النوع جواز الإفطار في رمضان، لقوله تعالى: {فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} [البقرة: ١٨٤]، ولكن الأخذ بالعزيمة أولى إذا لم يضعفه الصوم، فالصوم في السفر والمرض أفضل من الإفطار، لقوله تعالى في نفس الآية: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ} [البقرة: ١٨٤] إلا إذا أضره الصوم وأضعفه، أو منعه عن أمر أهم كالجهاد، فيكون الإفطار أفضل، وإن خاف الهلاك يجب الإفطار (٢).

٣ - نسخ الأحكام في الشرائع السابقة: وهي الأحكام التي سقطت عنا، ولم تشرع في حقنا، وكانت في الشرائع السابقة، كاشتراط قتل النفس وقطع الأعضاء في التوبة، وقص موضع النجاسة في الثوب، ودفع ربع المال في الزكاة، وغير ذلك مما خففه اللَّه عنا، ولم يشرع علينا، وجاءت مقابله أحكام ميسرة وسهلة، وهذا النوع رخصة مجازية، لأن الأصل لم يرد في شريعتنا أصلًا، ولا يجوز القيام به ولا العمل بموجبه قطعًا.


(١) كشف الأسرار: ٢ ص ٦٣٨.
(٢) تذكر كتب الحنفية أن الشافعية تقول بأن العمل في إفطار المسافر أولى، (انظر التلويح: ٣ ص ٨٥، أصول السرخسي: ١ ص ١١٩)، وهذا غير صحيح، فالثابت عند الشافعية أن الصوم أفضل، لثبوت ذلك بصريح النص، (انظر نهاية السول، الإسنوي: ١ ص ٩٠، المستصفى: ١ ص ٩٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>