للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيعلم أركان الفعل وشروطه وكيفية القيام به، وعلى هذا فإن النص المجمل في القرآن الكريم لا يكفي في تكليف المكلف به إلا بعد بيانه من رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، فقوله تعالى: {أَقِيمُوا الصَّلَاةَ} أمر بفعل الصلاة على المكلف، ومع ذلك لا يكلف بالصلاة، لأنه لم يعرف أركانها وشروطها وكيفية أدائها، فجاء رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - وبيَّن كل ذلك وقال: "صلوا كما رأيتموني أصلي"، وهكذا بقية التكاليف بالصوم والزكاة والحج والجهاد والدعوة والبيع والربا، وكل فعل تعلق به خطاب مجمل من الشارع لا يصح التكليف به إلا بعد بيانه في القرآن الكريم بنص آخر أو بالسنة المبينة، كما سبق في مبحث السنة.

ثانيًا - أن يعلم المكلف مصدر التكليف بالفعل، بأنه من اللَّه تعالى، لكي يكون التنفيذ طاعة وامتثالًا لأمر اللَّه تعالى، ولكي يتجه قصد المكلف لموافقة طلب اللَّه تعالى في التزام أحكامه بما يجب فيه قصد الطاعة والتقرب، ولهذا السبب لا يقبل المسلم حكمًا إلا إذا عرف دليله الشرعي، فيبدأ الفقهاء في كل بحث بذكر الدليل الشرعي أو الأصل الشرعي، لإقامة الحجة على المكلفين بتنفيذ الفعل والتقيد به (١).

والمراد بعلم المكلف بالفعل وبمصدر التكليف إمكان علمه به، بأن تتوفر فيه القدرة والعقل والتمكن من العلم إذا قصده واتجه إليه، بأن يكون بالغًا عاقلًا قادرًا على معرفة الأحكام بنفسه أو بسؤال أهل العلم عنها عند قيامه في دار الإسلام التي يتوفر فيها العلم والعلماء، وعندئذ يتحقق الشرط بالعلم بما كلف به، فيتعلق التكليف به، ويجب عليه تنفيذه والالتزام بآثاره، فإن قصر فلا يقبل منه الاعتذار بجهلها، ولهذا


(١) أصول الفقه، خلاف: ص ١٤٨، الوسيط في أصول الفقه: ص ١٤٠، مباحث الحكم: ص ١٩٨، أصول الفقه، الخضري: ص ٨٢، المستصفى: ١ ص ٨٦، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٤٩١.

<<  <  ج: ص:  >  >>