للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذلك الحديث السابق "رفع القلم عن ثلاث: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يحتلم، وعن المجنون حتى يعقل"، وقوله - صلى الله عليه وسلم -: "من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها، فإن ذلك وقتها" (١).

ويتفرع عن هذا الشرط ثلاثة أمور:

١ - إن المراد من فهم الخطاب التصور وإمكان الفهم، وليس التصديق بالخطاب والاقتناع به، فمن أمكنه فهم الخطاب، وتصور الدليل، فهو مكلف من اللَّه تعالى، سواء كان مصدقًا ومعتقدًا به أم لا، وبالتالي فإن الكفار مخاطبون بالأحكام الشرعية كلها على الرغم من عدم تصديقهم لها، لتوفر إمكان الفهم والتصور للخطاب، وهذا يتفق مع مذهب الجمهور الذي قدمناه عن تكليف الكفار بفروع الشريعة (٢).

٢ - إن الصبي والمجنون والسكران غير مكلفين -كما سبق- فكيف تجب عليهم الزكاة والنفقة والضمان؟ وكيف يوجه الخطاب إلى السكران في قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} [النساء: ٤٣].

والجواب أن الزكاة والنفقة والضمان على الصبي والمجنون ليس


= مسألة تكليف الغافل والسكران والنائم وغير ذلك، وقد عزفنا عن ذكرها لضعف صلتها بعلم الأصول، ولعدم ترتب الآثار عليها، وقلة فائدتها، انظر: فواتح الرحموت: ١ ص ١٥٥، المستصفى: ١ ص ٨٣، حاشية البناني على جمع الجوامع: ١ ص ٦٨، منهاج الأصول: ص ١٤، إرشاد الفحول: ص ١١، الإحكام، الآمدي: ١ ص ١٣٩، نهاية السول: ١ ص ١٧٠، أصول الفقه، أبو النور: ١ ص ١٦٦، الوسيط في أصول الفقه الإسلامي: ص ١٦١، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٥١٣.
(١) رواه أصحاب السنن والحاكم وأحمد عن أبي سعيد بلفظ "من نام عن وتره".
(٢) تيسير التحرير: ٢ ص ٢٤٣، إرشاد الفحول: ص ١١، تسهيل الوصول: ص ٢٩٧، أصول الفقه، الخضري: ص ٩٦، أصول الفقه، البرديسي: ص ١٢٨، القواعد والفوائد الأصولية: ص ٥٧ - ٥٨، شرح الكوكب المنير: ١ ص ٥٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>