للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والعمران خلال العصور الطويلة في أرجاء المعمورة (١)، كما مرَّ في تدوين أصول الفقه وفوائده.

٥ - إن الاختلاف في الفروع -مع الاتفاق على الأصول- هو رحمة بالأمة، وتخفيف عنها، وتوسعة عليها، فإن ضاق بالأمة مذهب استعانت بالآخر، وإن شق عليها الحكم لجأت إلى غيره، قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: ما سرني أن أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - لم يختلفوا، لأنهم لو لم يختلفوا لم تكن رخصة (٢)، كمسح الرأس، وطلاق الثلاث، وزكاة الزروع والثمار، وأحكام الحج، والاغتسال من الجنابة قبل النوم أو بعده.

٦ - إن الاختلاف بين الأئمة يعتمد على أسباب موضوعية وعلمية، وهو أبعد ما يكون عن التشهي والهوى أو الانتصار لذات أو شخص، ولا حاجة للتدليل وإقامة البرهان على ذلك، فتاريخ التشريع وسيرة الأئمة يؤكد ذلك، ومن ينكره أو يتشكك فيه فإنما يجهل تاريخ هذه الأمة، أو يحمل الحقد والضغينة واللؤم والعداوة لعلمائها، الذين كان الإخلاص رائدهم، والتعبد لله هدفهم، ومرضاة الله مبتغاهم، وطلب العلم والوصول إلى الحق أسمى أمانيهم.

٧ - لم يقع اختلاف في النصوص القطعية -من ناحية الثبوت والدلالة، فالقرآن الكريم قطعي الثبوت، لأنه نقل إلينا بالتواتر،


(١) انظر: كتاب أدب القضاء، لابن أبي الدم: ص ١٣، ٢٠ من التقديم، ٦٧٢.
(٢) كشف الخفا: ١ ص ٦٦، وانظر تفصيل ذلك عند الكلام عن حديث "اختلاف أمتي رحمة" وتخريج هذا الحديث، ويقول يحيى بن سعيد: اختلاف أهل العلم توسعة، وما برح المفتون يختلفون .. فلا يعيب هذا على هذا، وانظر المدخل الفقهي العام للأستاذ الزرقا: ١ ص ١٩٠ وما بعدها، ردّ المحتار: ١/ ٦٨، الفقيه والمتفقه: ٢/ ٥٩، غياث الأمم: ١٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>