شاب، وقال لي: نحن معكم، والحق معكم، ولكن لا نستطيع أن نتكلم، وأن نرُدَّ على الشيخ! قلت له: لماذا لا تتكلمون الحق؟ قال: سوف يخرجنا من السكن إن تكلمنا: وهذا مبدأ صوفي عام فإن شيوخ التصوف أوصوا تلاميذهم ألا يعترضوا على الشيخ مهما غلط وقالوا لهم عبارتهم المشهورة: "ما أفلح مريد قال لشيخهِ لِمَ؟ " متجاهلين قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -:
(كُل بني آدم خطاء وخيرُ الخطائين التوابون). "حسن أخرجه أحمد والترمذي"
وقول مالك -رضي الله عنه-: "كُل واحد يؤخذ مِن قوله ويُرَد إلا الرسول - صلى الله عليه وسلم -".
مجلس الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -
ذهبت مع بعض المشايخ إلى أحد المساجد لحضور هذا المجلس فدخلنا حلقة الذكر، وهم يرقصون، ويمسكون بأيدي بعضهم، ويتمايلون، ويرتفعون، وينخفضون، ويقولون: الله، الله. . . وكل واحد من الحلقة يخرج إلى الوسط، ويشير بيديه إلى الحاضرين لينشطوا في الحركة والتمايل. . . . . حتى وصل الدور إليّ لأخرج، وأشار إليّ رئيسهم بالخروج، لأزيد من حركتهم ورقصهم، فاعتذر أحد المشايخ الذين معي وقال له: اتركه إنه ضعيف؛ لأنه يعرف أني لا أحب مثل هذا العمل، ورآني ساكنًا لا أتحرك، فتركني رئيسهم وأعفاني من الخروج إلى وسط الحلقة، وكنت أسمع قصائد من أصوات جميلة، لكنها لا تخلو من طلب المدد والعون من غير الله! ولاحظت أن النساء يجلسن على مكان مرتفع ويتفرجن على الرجال وكانت فتاة منهن متبرجة قد ظهر شعرها وساقها، ويداها ورقبتها، فأنكرت ذلك في قلبي، وقلت لرئيس المجلس في آخر الجلسة: إن فتاة فوقنا سافرة، لو أنك ذكرتها مع النساء بالحجاب في المسجد لكان عملاً طيبًا فقال لي: نحن لا نذكر النساء، ولا نقول لهن شيئًا! قلت له: لماذا؟ قال لي: إذا نصحناهن فسيمتنعن عن الحضور للذكر! فقلت في نفسي: لا حول ولا قوة إلا بالله، ما هذا الذكر الذي تظهر فيه النساء، ولا ينصحهن أحد؟ وهل يرضى الرسول - صلى الله عليه وسلم - بهذا وهو القائل:
(مَن رأى منكم منكرًا فلْيُغَيِّره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإِيمان). "رواه مسلم"