للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الزيادة والنقصان في العمر]

قال الله تعالى:

{وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلا فِي كِتَابٍ} [فاطر: ١١]

قال شيخ الإِسلام ابن تيمية: فقد قيل: إن المراد الجنس: أي ما يُعمر من عمر إنسان، ولا ينقص من عمر إنسان، ثم التعمير والتقصير يراد به شيئان:

١ - أحدهما أن هذا يطول عمره، وهذا يقصر من عمره، فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن المعمر يطول عمره، وهذا يقصر عمره فيكون تقصيره نقصاً له بالنسبة إلى غيره، كما أن التعمير زيادة بالنسبة إلى آخر.

٢ - وقد يراد بالنقص من العمر المكتوب، كما يراد بالزيادة الزيادة في العمر المكتوب. وفي الصحيحين عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:

"مَن سره أن يُبسَط له في رِزقه، ويُنسأ له في أثَره فليصِل رحمه".

وقد قال بعض الناس: إن المراد به البركة في العمر، بأن يعمل في الزمن القصير ما لا يعمله غيره إلا في الكثير، قالوا: لأن الرزق والأجل مقدران مكتوبان. فيقال لهؤلاء: تلك البركة والزيادة في العمل، والنفع أيضاً مقدرة مكتوبة، وتتناول لجميع الأشياء.

والجواب المحقق: أن الله يكتب للعبد أجلاً في صحف الملائكة، فإذا وصل رحمه زاد في ذلك المكتوب، وإن عمل ما يوجب النقص نقص من ذلك المكتوب، ونظير هذا في الترمذي وغيره عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:

"إن آدم لما طلب من الله أن يُريه صورة الأنبياء من ذريتهْ، فأراه إياهم، فرأى

فيهم رجلاً له بصيص، فقال: من هذا يا رب؟ فقال: ابنك داود، قال: فكم

عمره؟ قال: أربعون سنة. قال: وكلم عمري، قال: ألف سنة. قال: فقد

وهبتُ له من عمري ستين سنة، فكتب عليه كتاب، وشهدت عليه الملائكة،

فلما حضرته الوفاة قال قد بقي من عمري ستون سنة. قالوا وهبتها لابنك داود، فأنكر ذلك، فأخرجوا الكتاب. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "فنسِى آدم فنسِيَت ذريته، وجحد آدم فجحدت ذريته". [رواه الترمذي وقال حسن صحيح مع اختلاف الألفاظ] [انظر الفتاوى ج ١٤/ ٤٩٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>