الوجه الثامن: قوله: "وإنا لنجد فوق ذلك منهم من يعدُّ قول سيدنا محمد بدعة لا تجوز، ويغلون في ذلك غلوًا شديدًا".
والجواب عن ذلك نقول: هذا كذب من القول، فعلماء الدعوة يثبتون ما ثبت للنبي - صلى الله عليه وسلم - من الصفات الكريمة، ومنها أنهم يعتقدون أنه سيد ولد آدم، وأفضل الخلق على الإِطلاق، لكنهم يمنعون الغلوِّ في حقه - صلى الله عليه وسلم -؛ عملاً بقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"لا تُطْروني كما أطرت النصارى ابن مريم". "رواه البخاري"
ويمنعون الابتداع، ومن ذلك أن يقال:(سيدنا) في المواطن التي لم يرد قول ذلك فيها؛ كالأذان والإِقامة، والتشهد في الصلاة، وكذا رفع الأصوات قبل الأذان؛ يقول: اللهم صل وسلم على سيدنا رسول الله، أو بعد أداء الصلوات؛ كما يفعله المبتدعة بأصوات جماعية. وهذا هو الذي أظنه يقصده في كلامه، حيث يراه يُفعل عندهم، فظنَّه مشروعًا وهذا هو الذي ينكره علماء الدعوة في المملكة العربيّة السعودية، وينكره غيرهم من أهل التحقيق والعمل بالسنة وترك البدعة في كل مكان؛ لأنه بدعة، وكل بدعة ضلالة، وغلو في حقه - صلى الله عليه وسلم -، والغلو ممنوع.
أما قول سيدنا رسول الله في غير مواطن البدعة؛ فعلماؤنا لا ينكرونه، بل يعتقدونه، ويقولون: هو سيدنا وإمامنا - صلى الله عليه وسلم -.
الوجه التاسع: قوله: "وفي سبيل دعوتهم يُغلِظون في القول، حتى إن أكثر الناس، لينفرون منهم أشد النفور".
والجواب عن ذلك أن نقول:
أولًا: هذا الكلام من جملة الإتهامات التي لا حقيقة لها، وهذه كتب علمائنا ورسائلهم والحمد لله ليس فيها تغليظ؛ إِلا فيما يُشرع فيه التغليظ، وليس فيها تنفير، وإنما فيها الدعوة إلى الله بالبصيرة والحكمة والموعظة الحسنة، وكتبهم في ذلك مطبوعة ومتداولة ومنتشرة، وكل من اتصل بهم؛ فإنه يُثني عليهم، وقد كتب المنصفون عنهم الشيء الكثير في تاريخهم الماضي والحاضر، من حسن السياسة، وصدق المعاملة، والوفاء بالعهود، والرفق بالمسلمين، وأكبر شاهد على ذلك من يفد إلى مكة المشرَّفة للحج والعمرة كل عام، وما يشاهدونه من العناية بخدمة الحجيج، وبذل المجهود في توفير