للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[العمل بمشورة النساء الصالحات]

١ - جاء الملك جبريل إلى الرسول - صلى الله عليه وسلم - في غار حراء فقال:

{اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} فرجع بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يرجف فؤاده، فدخل على خديجة بنت خويلد، وأخبرها الخبر:

(لقد خشيتُ على نفسي) (١) فقالت خديجة: كلا والله ما يُخزيك الله أبدًا، إنك لَتصِل الرحم، وتحمِل الكَلَّ (٢)، وتكسِب المعدوم، وتَقري الضيف، وُتعين على نوائب الحق، فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل (٣) فقالت له خديجة يا ابن عم: اسمع مِن ابن أخيك، فأخبره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خبرَ ما رأى، فقال له ورقة:

هذا الناموس (٤) الذي نزَل الله على موسى، يا ليتني فيها جَذعًا ليتني أكون حَيًا إذ يُخرجك قومك، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "أوَ مخرجِيَّ هم؟ " قال: نعمٍ، لم يأتِ رَجل قط بمِثل ما جئتَ إلا عوديَ، وإن يُدركني يومك أنصرك نَصرًا مؤزرًا).

"رواه البخاري في كتاب بدء الوحي"

فأنت ترى أن خديجة شجعت الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الإستمرار في الدعوة، وأن الله لا يتخلَّى عنه لما تعلم من الصفات الحسنة التي كان يتصف الرسول - صلى الله عليه وسلم - مثل مساعدة الضعيف، والفقير وإكرام الضيف، ومعاونة أصحاب النوازل والمصائب.

قال ابن حجر: وفي هذه القصة من الفوائد:

أ - استحباب تأنيس مَن نزل به أمر بذكر تيَسيره عليه، وتَهوينه لَدَيه.

ب - أن مَن نزل به أمرٌ استحب له أن يُطلِع عليه مَن يثق بنصيحته، وصِحة رأيه. "فتح الباري ١/ ١٢٥ "

أقول: حتى ولو كانت امرأة كخديجة، هذا من تكريم الإِسلام للمرأة.

٢ - الشروط في عمرة القضاء: فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه:

(قوموا فانحروا، ثم احلِقوا)، قال: فوالله ما قام منهم رجل حتى قال ذلك ثلاث، مرات، فلما لم يقم منهم أحد دخل على أم سَلمَة، فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة: يا نبي الله أتحب ذلك؟ اخرج، ثم لا تكلم أحدًا منهم حتى تنحر


(١) خشيت على نفسي من المرض والموت.
(٢) الكَل: الضعيف الذي لا يستقل بأمره.
(٣) ورقة بن نوفل: كان على دين المسيح قبل أن يُبدل.
(٤) الناموس: صاحب السر وهو جبريل -عليه السلام-.

<<  <  ج: ص:  >  >>