للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخنساء قبل الإِسلام وبعده

١ - لقد أصيبت الخنساء بفقد أخيها واسمه (صخر) فجزعت عليه، وحزنت حزنًا شديدًا وقالت فيه الشعر، وذلك قبل الإِسلام.

أما بعد الإِسلام، فرزقها الله أربعة أولاد خرجوا إلى معركة القادسية فكان مما أوصتهم به قولها: يا بني إنكم أسلمتم طائعين، وهاجرتم مختارين، والله الذي لا إله إلا هو، إنكم لبنوا رجل واحد، كما أنكم بنو امرأة واحدة، ما هجَّنت حسبكم، وما غيرت نسبكم، واعلموا أن الدار الآخرة خير من الدار الفانية:

اصبروا، وصابروا، واتقوا الله لعلكم تفلحون، فإذا رأيتم الحرب قد شمَّرت عن

ساقها، وجلَّلت نارًا على أوراقها، فيمِّموا وطيسها (١) وجالدوا رسيسها (٢) تظفروا بالغنيمة والكرامة في دار الخلد والمقامة.

فلما كشرت الحرب عن نابها، تدافعوا إليها، وتواقعوا عليها، وكانوا عند ظن أمهم بهم حتى قتلوا واحدًا بعد واحد.

ولما وافتها النعاة بخبرهم، لم تزد على أن قالت: الحمد لله الذي شرفني بقتلهم وأرجو من الله يجمعني بهم في مستقر الرحمة.

"انظر: الإصابة والإستيعاب"

فما أعظم الفرق في سلوك الخنساء قبل الإِسلام وبعده، وهذا من فضل الإِسلام وتكريمه.


(١) الوطيس: المعركة، أو الضرب فيها.
(٢) أصلها.

<<  <  ج: ص:  >  >>