١ - حضرت مرة ذكرًا للصوفية في مسجد الحي الذي أسكن فيه وجاء رجل منهم حسن الصوت لينشد لهم الأناشيد والقصائد أثناء الذكر في حلقة اجتمع فيها أهل الحي، وكان مما سمعته من هذا الصوفي قصيدة أذكر منها قوله: يا رجال الغيب ساعدونا أنقذونا انصرونا. . . إلى آخر هذه الإستغاثات، وطلب الحاجات من الأموات الذين لا يسمعون، ولو سمعوا ما استجابوا لهم، ولا يملكون النفع لأنفسهم فضلًا عن غيرهم، وقد أشار القرآن إلى هؤلاء فقال:
وبعد الخروج من الذكر وانتهائه قلت للشيخ إمام المسجد الذي شارك فيه: إن هذا الذكر لا يستحق أن يسمى ذكرًا؛ لأنني لم أسمع فيه ذكر الله، ولا طلبًا من الله، ولا دعاء، وإنما سمعت نداء ودعاء لرجال الغيب، ومن هم رجال الغيب الذين يستطيعون نصرنا وإنقاذنا ومساعدتنا. فسكت الشيخ، وأكبر رد على هؤلاء قوله تعالى:{وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ}. [الأعراف: ١٩٧]
٢ - ذهبت مرة أُخرى إلى مسجد آخر فيه عدد كبير من المصلين وفي المسجد شيخ صوفي له أتباع، وبعد الصلاة قاموا إلى الذكر فبدأوا يقفزون ويرقصون في الذكر وهم يصيحون الله -آه- هي، واقترب المنشد من الشيخ، وبدأ يرقص أمامه ويتمايل كأنه مغنية أو راقصة، وهو يتغزل بشيخه، والشيخ ينظر إليه مبتسمًا راضيًا وكنت أزور هذا الشيخ أحيانًا مع شيخي وهو من الصوفية أيضًا، ومرة ذهبنا إليه بعد رجوعه من الحج، وجلسنا نستمع إليه، فبدأ يتحدث عن ركوبه في سيارة مريحة عريضة من نوع (أمريكي) وذلك حين تنقله من مكة إلى المدينة، فقلت في نفسي: ما الفائدة من هذا الكلام، وكان الأَولى أن يتحدث عن فوائد الحج الإجتماعية والروحية وغيرها تحقيقًا لقول الله تعالى:{لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ}. [الحج: ٢٨]