"بدأت الدعوة (يعني: دعوة الشيخ) حادة عنيفة مطبوعة بطابع التطرف والمغالاة، فكان طبيعيًا أن يلقاها الناس بعناد وتطرُّف، ومثل هذا لا يجعل للسلم مجالًا بين الطرفين المتقابلين. . .". إلى أن قال:
"بدأت (يعني: الدعوة) بإنكار المجتمع الإِسلامي كله، فالمسلمون جميعًا في نظر الوهابيِّين قد انسلخوا عن الإِسلام بما أدخلوا على دينهم من بدع ومحدثات، كالتوسل بغير الله، ورفع القباب على قبور الموتى ممن يعتقد فيهم الصلاح، وهذا لون من الشرك بالله، وفي هذا بعض الحق، ولكنْ فيه كثيرٌ من المبالغة والغلو. . .". إلى أن قال:
"كان لا بدَّ أن يحدث هذا (يعني: شدة الخلاف بينهم وبين غيرهم) بعد أن وضع الوهَّابيون دعوتهم في هذا الإِطار الذي يحصر الإِسلام في دعوتهم، ويجعل كل مَن انحرف عنها منحرفًا عن الإِسلام، داخلًا في مداخل الكفر والِإلحاد، ونجد هذا واضحًا في الكتب التي ألَّفها علماء الوهَّابيين" اهـ.
- والجواب أن نقول: هكذا يصف الأستاذ دعوة الشيخ بهذه الأوصاف:
أ - الغلو والتطرف والعنف.
ب - تكفير جميع المسلمين، وحصر الإِسلام في تلك الدعوة، وتكفير من انحرف عنها.
جـ - أن كتب علماء الوهَّابية تشتمل على تكفير المسلمين.
وجوابنا على ذلك أن نقول:
أولًا: قد تناقض الأستاذ في كتابه هذا تناقضًا واضحًا في موضوع دعوة الشيخ، فبينما هو يصفها بهذه الصفات المنفِّرة التي ربما يكون قد قرأها من كتب خصومها، أو سمعها من أفواههم، {وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ}، بينما هو يُسَطِّرُ هذه الصفات هنا، إذا هو في آخر كتابه يقول في (ص ١١١ - ١١٢):
"ودعوة محمد بن عبد الوهاب من الكلم الطيب، إنها تستند إلى الحق، وتدعو له، وتعمل في سبيله، ولهذا كانت دعوة مباركة، وفيرة الثمر، كثيرة الخير، لقد قام