وبعد فإنه على الرغم من قوة تيار الكفر والضلال الذي يحاول أن يسوق أمتنا بعصاه، ويلقي بها في مهاوي الضياع والفناء، وعلى الرغم من محاولة أنصار الجاهلية الحديثة جهدهم وتجميعهم جندهم ليقطعوا هذه الأمة الإِسلامية العريقة عن عقيدتها، ويجتثوا إسلامها من حياتها فإن هناك بصيصاً من النور، ورفيفاً من الأمل يلمحه المراقب للأحداث متمثلاً في ذاك التيار الوليد الذي يحبو ويحاول الحركة، ويتلمس الطريق كي يصدَّ ذاك التيار الأهوج المدمر، ويرده على أعقابه وينقذ البلاد والعباد من آثاره وأخطاره. وما ذاك التيار الحبيب إلا هذه البراعم الندية، والزهرات المتفتحة هنا وهناك من الشباب المسلم المؤمن الذي فتح عينيه على الحياة، واستيقظ على صيحات بعض الدعاة والمصلحين الذين حركوا فيه الغيرة والحمية وأثاروا فيه العاطفة الدينية والنفس الأبية، ويحاول هؤلاء الشباب أن ينهضوا بالأمة بعد طول تأخر، وينقذوها من الأعداء والأخطار، فيسعون جادين مخلصين، ويدأبون غير هيابين ولا وجلين، لكنهم سرعان ما يُفاجاون بأنهم ما يزالون في مكانهم، وأنهم قد رجعوا بعد طول سير وشدة نصَب إلى موضعهم الذي كانوا قد انطلقوا منه وغادروه، فيأسفون لذلك ويحزنون، وييأس بعضهم فيقعد، ويعيد الكرة ويسعى من جديد آخرون ويجرب هؤلاء ويعملون.
* إن نجاح المسيرة الإسلامية يتحقق بأمرين:
الأول: الهداية إلى الصراط المستقيم، وذلك بالتعرف عليه ومعرفة حدوده
وأبعاده. وقد شرع الله لنا أن ندعوه دائماً كي يهدينا إلى الصراط المستقيم، فنحن دائماً نردد في صلاتنا وفي خارج صلاتنا.