وكان المعصوم - صلى الله عليه وسلم - عندما يقوم من الليل يسأل ربه الهداية قائلاً:"اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل، فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون. اهدني لما اختلف فيه مِن الحق بإذنك إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم". [رواه مسلم من حديث عائشة]
الثاني: إتباع هذا الصراط المستقيم وعدم الميل عنه يميناً أو شمالًا.
وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"خط لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خطاً، ثم قال: هذا سبيل الله، ثم خط خطوطاً عن يمينه وعن شماله، وقال: هذه سبل، على كلل سبيل منها شيطان يدعو إليه، وقرأ:{وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ}. [رواه أحمد والحاكم وصححه وأقرَّة الذهبي]
ووضح هذا بمثال فقال - صلى الله عليه وسلم -: "ضرب الله تعالى مثلاً صراطاً مستقيماً، وعلى جنبتي الصراط سوران، فيهما أبواب مفتحة، وعلى الأبواب ستور مرخاة، وعلى باب الصراط داع يقول: يا أيها الناس ادخلوا الصراط جميعاً ولا تتعرجوا، وداع يدعو من فوق الصراط، فإذا أراد الإِنسان أن يفتح شيئاً من تلك الأبواب قال: ويحك لا تفتحه، فإنك إن تفتحه تلجه، فالصراط الإِسلام، والسوران حدود الله تعالى، والأبواب المفتحة محارم الله تعالى، وذلك الداعي على رأس الصراط المستقيم كتاب الله، والداعي من فوق واعظ الله في قلب كل مسلم".
[رواه أحمد والحاكم بسند صحيح من حديث النواس بن سمعان]
والإستقامة على الطريق أمر في غاية المشقة والصعوبة، ذلك أن النفس البشرية أمارة بالسوء، والدنيا مليئة بالمغريات وشياطين الإِنس والجن، كل ذلك يحاول أن يحرف المسيرة ويحرف العاملين بها عن الدرب القويم.
لذلك كانت أشق آية أنزلت على النبي - صلى الله عليه وسلم - كما يقول ابن عباس:{فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ}[سورة هود، آية ١١٢]