يرى شيخ الإِسلام ابن تيمية أن القرآن المكي الذي يدعو إلى الصبر على الأذى، وعدم مجابهة الكفار يطبق في حالة ضعف المسلمين، والقرآن المدني الذي يدعو إلى الجهاد والقوة يطبق في حالة قوة المسلمين، وذلك حين قال:
"وصارت تلك الآيات في حق كل مؤمن مستضعف لا يمكنه نصر الله ورسوله بيده ولا بلسانه فينتصر بما يقدر عليه من القلب ونحوه، وصارت آية الصَّغار على المعاهدين في حق كل مؤمن قوي يقدر على نصر الله ورسوله بيده أو لسانه، وبهذه الآيات ونحوها كان المسلمون يعملون في آخر عُمْرِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعلى عهد خلفائه الراشدين، وكذلك هو إلى يوم قيام الساعة، لا تزال طائفة من هذه الأمة قائمين على الحق ينصرون الله ورسوله النصر التام. فمن كان من المؤمنين بأرض هو فيها مستضعف أو في وقت هو فيه مستضعف فليعمل بآية الصبر والصفح والعفو عمن يؤذي الله ورسوله من الذين أوتوا الكتاب والمشركين، وأما أهل القوة فإنما يعملون بآية قتال أئمة الكفر الذين يطعنون في الدين، وبآية قتال الذين أوتوا الكتاب حتى يُعطوا الجزية عن يدٍ وهم صاغرون". [الصارم المسلول ٢٢١]
أقول: يؤيد كلام شيخ الإِسلام ابن تيمية قوله تعالى:
يأمر الله رسوله أن يقول للمؤمنين أيام ضعف المسلمين في مكة قبل الهجرة اصفحوا وتجاوزوا عمن يؤذيكم من الكفار، ولا تردوا الأذى بمثله، وهذا يدل على مشروعية التسامح مع الكفرة في حال ضعف المسلمين.