ذهبت مرة مع أحد الشيوخ الى درس في أحد المساجد، وقد اجتمع إليه عدد من المدرسين والمشايخ، وكانوا يقرأون في كتاب اسمه:(الحِكم لابن عجيبة) وكان الدرس عن تربية النفس عند الصوفية، وقرأ أحدهم في الكتاب المذكور هذه القصة العجيبة:
١ - دخل رجل صوفي الحمام للإغتسال، ولما خرج من الحمام سرق المنشفة التي يعطيها صاحب الحمام للمغتسل، وأبقى طرفها مكشوفًا حتى يراه الناس ويوبخونه ويسبونه، لأجل أن يذل نفسه ويربيها على الطريقة الصوفية، وبالفعل فقد خرج الصوفي من الحمام فلحقه صاحب الحمام، ورأى طرف المنشفة تحت ثوبه، فوبخه، وأساء إليه، والناس يستمعون إليه ويرون هذا الشيخ الصوفي الذي سرق المنشفة من الحمام، وقد انهالوا عليه بالسب والشتم وغير ذلك مما يفعله الناس مع السارق، وقد أخذوا صورة
سيئة عن هذا الرجل الصوفي!!
٢ - رجل صوفي آخر أراد أن يربي نفسه ويذلها، فحمل كيسًا في رقبته وملأه جوزًا، وخرج إلى السوق، وكان كلما مرّ صبي قال له: أُبصق على وجهي حتي أَعطيك جوزة: (فاكهة يحبها الأطفال) فيبصق الصبي علي وجه الشيخ فيعطيه جوزة، وهكذا كان البصاق مِن أولاد الشوارع يتوارد على وجه الشيخ طمعًا في أخذ الجوزة، والشيخ الصوفي مسرور، وعند سماعي لهاتين القصتين كدت أتميز غيظًا، وضاق صدري من هذه التربية الفاسدة التي يتبرأ منها الإِسلام الذي كرم الإنسان بقوله تعالى:
فقلت للشيخ الذي معي بعد خروجنا: هذه هي الطريقة الصوفية في تربية النفس!
وهل تكون تربيتها في السرقة المحرَّمة التي حكم الشرع بقطع يد السارق؟ أم هل تكون بالمهانة والصغار وارتكاب أخس الأعمال؟ إن الإِسلام يأبى هذا العمل، ويأباه العقل السليم الذي كرم الله به الإِنسان، وهل هذه من الحِكم التي سمى الشيخ كتابه (الحِكَم لابن عجيبة)!!
ومن الجدير بالذكر أن هذا الشيخ الذي يترأس الدرس له أتباع وتلاميذ كثيرون، فمرة أعلن الشيخ أنه يريد الحج فذهب التلاميذ للإكتتاب عنده وتسجيل أسمائهم ليرافقوه إلى الحج، حتى النساء بدأن الإكتتاب وربما احتجن إلى بيع الحلي من أجل ذلك،