[لا معبود بحق إلا الله]
هذا هو التفسير الصحيح لشهادة (لا إله إلا الله) وبعبارة أوضح:
(لا أحدَ يستحق العبادة في الوجود إلا الله).
والعبادة اسم جامع لما يحبه الله من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة كالصلاة، والذبح، والنذر ولاسيما الدعاء لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: (الدعاء هو العبادة). "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"
قال الله تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ (١٦٢) لَا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ} [الأنعام: ١٦٢، ١٦٣]
والدليل على تفسير "لا معبود حق إلا الله" قول الله تعالى:
١ - {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}. [الحج: ٦٢]
٢ - وقوله تعالى: {لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ} [الرعد: ١٤].
أ - قال علي -رضي الله عنه-: (له دعوة الحق): قال: التوحيد.
ب - وقال ابن عباس وغيره: (له دعوة الحق): لا إله إلا الله.
جـ - وقال غيره: ومعنى الكلام أن الذي يبسط يده إلى الماء إما قابضًا وإما متناولًا له من بُعد، كما أنه لا ينتفع بالماء الذي لم يصل إلى فيه الذي جعله محلًا للشرب، فكذلك هؤلاء المشركون الذين يعبدون مع الله إلهًا آخر غيره لا ينتفعون بهم أبدًا في الدنيا والآخرة، ولهذا قال: {مَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلا فِي ضَلَالٍ} "ابن كثير ٢/ ٥٠٧"
أقول: لقد حكم الله على الذين يدعون غير الله بالكفر والضلال كما صرحت الآية.
١ - وأهَم هذه المفاهيم التي يحتاج إلى تصحيحها، بل ذلك ضرورة: مفهوم "لا إله إلا الله"، وهذه الكلمة التي هي رأس الإِسلام مطلقًا كما قال الإِمام ابن تيمية في الرسالة التدمرية.
٢ - ويقول شارح العقيدة الطحاوية وهو من الأحناف:
قوله: (ولا إله غيره): هذه كلمة التوحيد التي دعت إليها الرسل كلهم، كما تقدم ذكره، وإثبات التوحيد بهذه الكلمه باعتبار النفي والإثبات المقتضي للحصر، فإن الِإثبات المجرد قد يتطرق إليه الاحتمال، ولهذا -والله أعلم- لما قال تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ}
قال بعده: {لَا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ}. [البقرة: ١٦٣]