[وصية امرأة لابنتها في زفافها]
قالت امرأة تزف ابنتها إلى الملك الحارث بن عمرو الكندي:
أي بُنية إن الوصية لو كانت تترك لفضل أدب أو مكرمة نسب لتركت ذلك معك، ولكنها تذكرة للعاقل، ومُنبهة للغافل.
أي بُنية: لو استغنت ابنة عن زوج لِغنى أبويها، لكنتِ أغنى الناس عنه، لكنا خُلقنا للرجال، كما خُلق الرجال لنا.
أي بُنية: إنك فارقت الوطن الذي منه خرجت، والعش الذي فيه درجت إلى وكر لم تعرفيه، وقرين لم تألفيه، أصبح بملكه إياكِ مَلِكًا عليك، فكوني له أمةً يكن لك عبدًا واحفظي له عشر خصال يَكُنَّ لك ذُخرًا.
١ - الصحبة بالقناعة: فإن في القناعة راحة القلب.
٢ - المعاشرة بحسن السمع والطاعة: فإن فيهما رضا الرب.
٣ - التعهد لموضع عينيه والتفقد لموضع أنفه: فلا تقع عينيه منك على قبيح، ولا يشم أنفه منك إلا أطيب ريح.
٤ - الكحل والماء: واعلمي أن الكحل أحسن الموجود، وأن الماء أطيب المفقود.
٥ - التعهد لوقت طعامه: فإن حرارة الجوع ملهبة.
٦ - الهدوء عند منامه: فإن تنغيص النوم مغضبة.
٧ - الإحتفاظ ببيته وماله: فإن حفظ المال من حسن التقدير.
٨ - الرعاية لحشمه وعياله: فإن الرعاية على الحشم والعيال من حسن التدبير.
٩ - ألا تفشي له سرًا: فإن أفشيت له سرًا لم تأمني غدره.
١٠ - ألا تعصي له أمرًا: فإن عصيت أمره أوغرت صدره.
وأشد ما تكونين له إعظامًا أشد ما يكون لك إكرامًا، وأكثر ما تكونين له موافقة أحسن ما يكون لك مرافقة؛ واعلمي أنك لا تقدرين على ذلك حتى تؤثري هواه على هواك ورضاه على رضاك فيما أحببت أو كرهت.