ولولا أن التوبة اسم جامع لشرائع الإِسلام، وحقائق الإِيمان لم يكن الرب تعالى يفرح بتوبة عبده ذلك الفرح العظيم، فجميع ما تكلم فيه الناس من المقامات والأحوال هو تفاصيل التوبة وآثارها. (مدارج السالكين لابن القيم ١/ ١٧٨)
حقيقة التوبة:
إن حقيقة التوبة هي الرجوع إلى الله تعالى بالتزام فِعل ما يحب، وترك ما يَكره.
فهي رجوع من مكروه إلى محبوب. فالرجوع إلى المحبوب جزء مسماها. والرجوع عن المكروه الجزء الآخر. ولهذا علق سبحانه الفلاح المطلق على فعل المأمور وترك المحظور بها. فقال: {وتوبوا إلى الله جميعًا أيها المؤمنون لعَلكم تفلحون}. [النور: ٣١]
فكل تائب مفلح. ولا يكون مفلحًا إلا من فعل ما أُمر به وتَرَكَ ما نُهي عنه.
وقال الله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. [الحجرات: ١١]
وتارك المأمور ظالم، كما أن فاعل المحظور ظالم، وزوال اسم "الظلم" عنه إنما يكون بالتوبة الجامعة للأمرين.
فالناس قسمان: تائب، وظالم، ليس إلا.
فالتائبون هم: {التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ}. [التوبة: ١١٢]
فحفظ حدود الله: جزء التوبة، والتوبة هي مجموع هذه الأمور. وإنما سُمي تائبًا لرجوعه إلى أمر الله من نهيه، وإلى طاعته من معصيته. (مدارج السالكين ١/ ١٨١)
حكم التوبة:
قال العلماء: التوبة واجبة من كل ذنب، فإذا تاب من بعضها صحَّت عما تاب منه.
[التوبة في القرآن الكريم]
ورد ذكر التوبة في القرآن الكريم في مواضع كثيرة منها:
١ - قوله تعالى: {رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ}. [البقرة: ١٢٨]
٢ - وقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}. [البقرة: ٢٢٢]