ثالثًا: وأما دعواه أن مِن سِماتِ الدعوة تكفير المسلمين، فلنترك الجواب عنها للشيخ محمد بن عبد الوهاب نفسه.
قال -رحمه الله- في رسالته إلى السويدي -عالم من أهل العراق كان قد أرسل إليه كتابًا، وسأله عما يقول الناس فيه- فأجاب بهذه الرسالة، ومنها:
"وأخبرك أني ولله الحمد مُتَّبع، ولستُ بمُبتَدع، عقيدتي وديني الذي أدين الله به مذهب أهل السنة والجماعة الذي عليه أئمة المسلمين، مثل الأئمة الأربعة وأتباعهم إلى يوم القيامة، لكنِّي بيَّنتُ للناس إخلاص الدين لله، ونهيتهم عن دعوة الأحياء (الغائبين) والأموات من الصالحين وغيرهم، وعن إشراكهم فيما يُعْبَد الله به من الذبح والنذر والتوكل والسجود وغير ذلك مما هو حق الله الذي لا يشركه فيه ملك مقرَّب ولا نبيُ مرسل، وهو الذي دَعَتْ إليه الرسل من أولهم إلى آخرهم، وهو الذي عليه أهل السنة والجماعة. . .".
إلى أن قال -رحمه الله-: "ومنها ما ذكرتُم أنِّي أكفِّر جميع الناس إلا من اتَّبعني، وأزعم أن أنكِحَتَهم غير صحيحة، ويا عَجَبًا! كيف يدخل هذا في عقل عاقل؟! هل يقول هذا مسلم؟! إني أَبرأْ إلى الله من هذا القول الذي ما يصدر إلا عن مُختلِّ العقل".
ثم قال:"وأما التكفير، فأنا أكفَر مَن عرف دين الرسول ثم بعدما عرفه سبَّه، ونهى عنه، وعادى مَن فعله، فهذا هو الذي أُكفِّره، وأكثر الأمة ولله الحمد ليسوا كذلك" وقال -رحمه الله- في رسالة له:"وأما ما ذُكِرَ لكم عني، فإني لم آته بجهالة، بل أقول - ولله الحمد والمنة، وبه القوة:
ولست ولله الحمد أدعو إلى مذهب صوفي أو فقيه أو متكلم أو إمام من الأئمة الذين أُعظمهم، مثل ابن القيم والذهبي وابن كثير وغيرهم، بل أدعو إلى الله وحده لا شريك له، وأدعو إلى سنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - التي أوصى بها أول أُمته وآخِرَهم، وأرجو أني لا أردُّ الحق إذا أتاني، بل أَشْهِدُ الله وملائكته وجميع خلقه إن أتانا منكم من الحق، لأقبلنَّه على الرأس والعين، ولأَضرِبَنَّ الجدار بكل ما خالفه من أقوال أئمتي حاشا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فإنه لا يقول إلا الحق" اهـ.