هذا الحديث الصحيح الذي رواه الترمذي، يدل على أن الدعاء من أهم أنواع العبادة، فكما أن الصلاة لا تجوز أن تكون لرسول أو ولي، فكذلك لا يُدعى الرسول أو الولي من دون الله.
١ - إِن المسلم الذي يقول: يا رسول الله أو يا رجال الغيب غوثًا ومدداً، هو دعاء وعبادة لغير الله، ولو كانت نيته أن الله هو المغيث، مثله مثل رجل أشرك بالله -عَزَّ وَجَلَّ- وقال: أنا في نيتي أن الإِله واحد فلا يقبل منه هذا, لأن كلامه دل على خلاف نيته، فلابد من مطابقة القول للنية والمعتقد، وإلا كان شركاً أو كفراً لا يغفره الله إِلا بتوبة.
٢ - فإن قال هذا المسلم: أنا في نيتي أن أتخذهم واسطة إِلى الله، كالأمير الذي لا أستطيع أن أدخل عليه إلا بواسطة، فهذا تشبيه الخالق بالخلوق الظالم الذي لا يدخل عليه أحد إِلا بواسطة، وهذا التشبيه من الكفر.
فتشبيه الله بمخلوق عادل كفر وشرك، فكيف إِذا شبهته بإِنسان ظالم؟! تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرًا.
٣ - لقد كان المشركون في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - يعتقدون أن الله هو الخالق والرازق، ولكنهم يدعون الأولياء الممثلين في الأصنام واسطة تقربهم إِلى الله، فلم يرض منهم هذه الواسطة، بل كفَّرَهم وقال فيهم:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ}[الزمر: ٣]
والله -تعالى- قريب سميع لا يحتاج إِلى واسطة، قال الله - تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}[البقرة: ١٨٦]