قال ابن تيمية -رحمه الله-: الإِله هو المستحق للعبادة، فأما من اعتقد في الله أنه رب كل شيء وخالقه، وهو مع هذا يعبد غيره، فإنه مشرك بربه، مُتخذ من دونه إلهًا آخر فليست الإِلهية هي الخلق، أو القدرة على الخلق، أو القدم كما يفسرها هؤلاء المبتدعون في التوحيد من أهل الكلام، إذ المشركون الذين شهد الله ورسوله بأنهم مشركون من العرب وغيرهم لم يكونوا يشكون في أن الله خالق كل شيء وربه، فلو كان هذا هو الإِلهية لكانوا قائلين: إنه لا إله إلا الله.
فهذا موضع عظيم جدًا ينبغي معرفته لما قد لُبِّسَ على طوائف من الناس أصل
الإِسلام، حتى صاروا يدخلون في أمور عظيمة هي شرك ينافي الإِسلام لا يحسبونها شركًا وأدخلوا في التوحيد والإِسلام أمورًا باطلة ظنوها من التوحيد وهي تنافيه، وأخرجوا من الإِسلام والتوحيد أمورًا عظيمة لم يظنوها من التوحيد وهي أصله، فأكثر هؤلاء المتكلمين لا يجعلون التوحيد إلا ما يتعلق بالقول والرأي، واعتقاد ذلك دون ما يتعلق بالعمل والإِرادة واعتقاد ذلك.
بل التوحيد الذي لا بُد منه لا يكون إلا بتوحيد الإِرادة والقصد، وهو توحيد العبادة، وهو تحقيق شهادة أن لا إله إلا الله: أن يقصد الله بالعبادة ويريده بذلك دون ما سواه، وهذا هو الإِسلام، فإن الإِسلام يتضمن أصلين:
إحداهما: الاستسلام لله.
والثاني: أن يكون ذلك له سالمًا، فلا يشرك به أحد في الإِسلام له وهذا هو