للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[لا حاكم إلا الله]

وقريب من هذا التفسير: لا مطاع بحق إلا الله، وقد تبين خطأ هذا التفسير كما تقدم ما ذكره "سيد قطب في كتابه معالم في الطريق" حين قال: وأخيرًا يدخل في إطار المجتمع الجاهلي تلك المجتمعات تزعم لنفسها أنها مسلمة! وهذه المجتمعات لا تدخل في هذا الإِطار، لا لأنها تعتقد بألوهية غير الله، ولا لأنها تقدم الشعائر التعبدية لغير الله أيضًا (١) ولكنها تدخل في هذا الإِطار لأنها تدين بالعبودية لله وحده في نظام حياتها، فهي- وإن لم تعتقد بألوهية أحد إلا الله - تعطي أخص خصائص الألوهية لغير الله، فتدين بحاكمية غير الله، فتتلقى من هذه الحاكمية نظامها وشرائعها، وقيمها وموازينها، وعاداتها، وتقاليدها (٢) ... وكل مقومات حياتها تقريباً!!

والله سبحانه وتعالى يقول عن الحاكمين:

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ}. "سورة المائدة ٤٤"

كما أنه سبحانه قد وصف اليهود والنصارى من قبل بالشرك والكفر والحيدة عن عبادة الله وحده، واتخاذ الأحبار والرهبان أربابًا من دونه لمجرد أن جعلوا للأحبار والرهبان ما يجعله الذين يقولون عن أنفسهم أنهم مسلمون اعتبر الله سبحانه ذلك من اليهود والنصارى شركًا، كاتخاذهم عيسى ابن مريم ربًا يؤلهِّونه، ويعبدون سواه، فهذه كتلك: خروج من العبودية لله وحده، فهي خروج من دين الله، ومن شهادة أن لا إله إلا الله (٣) إلى أن يقول: وإذا تعين هذا فإن موقف الإِسلام من هذه المجتمعات الجاهلية كلها يتحدد في عبارة واحدة: إنه يرفض الاعتراف بإسلامية هذه المجتمعات كلها وشرعيتها في اعتباره.


(١) يعلق الشيخ ربيع بن هادي قائلًا: بل كثير في هذه المجتمعات يُضفون على أناس صفات الإله، كاعتقادهم أنهم يعلمون الغيب، يتصرفون في الكون، ويُفَرِّجُونَ الكروب، ويتقدمون لهم بالشعائر التعبدية من الإستغاثة في الشدائد، والدعاء والخوف، والرجاء والتوكل والطواف بقبورهم، وتعظيم هذه القبور، وإقامة الأعياد والاحتفالات والموالد لهذه الأضرحة، وشد الرحال إليها وتقديم الذبائح والنذور بالأموال الطائلة لها، كل هذه الأمور وغيرها من أنواع الشرك لا يعدها "سيد قطب" من أنواع الشرك الناقضة للتوحيد المنافية لمعنى: "لا إله إلا الله"، ونحن لا نكفر إلا من قامت عليه الحجة.
(٢) ومن تقاليدها لباس البدلة الأفرنجية والكرافت وحلق اللحية.
(٣) وهذا واضح في تكفير المجتمعات الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>