وقال الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "الدعاء هو العبادة". "رواه الترمذي وقال حسن صحيح"
فكما أن الصلاة عبادة لا تجوز لغير الله، فكذلك الدعاء عبادة لا يجوز لغير الله.
[لا مطاع إلا الله]
الطائفة الثانية تقول: إن معنى "لا إله إلا الله":
لا مطاع بحق إلا الله، أو لا أحد يستحق الطاعة إلا الله، فمن أطاع غير الله فقد كفر بزعمهم، ولهذه الطائفة قصة يحسن ذكرها: وذلك أنه لما كان جميع أهالي الهند متفقين على مطالبة الحرية والإستقلال، وطرد الإِنجليز من الهند، ولم يختلف في ذلك حزب من الأحزاب، ولا ملة من الملل، واستعدوا للتضحية بكل ما يملكون في هذا السبيل، قامت طائفة من المسلمين بمشاركة الناس في هذا الجهاد، محتجين بحجة هي أقوى عندهم من جميع الحجج، وذلك زعمهم أن الناس بسبب خضوعهم لقوانين الحكومة البريطانية أصبحوا مشركين لأن إطاعة القوانين عندهم عبادة بلا شك، وزعموا أنه مفهوم لا إله إلا الله زاعمين أن معناه: لا مطاع إلا الله ولهم في هذا مؤلفات كثيرة.
وعلى هذا الأساس حكموا بالكفر على المسلمين الذين أكرمهم الله بالإِيمان، وأعلن في مُحكَم كتابه أنه تقبل منهم ذلك حيث يقول الله تعالى:
ولا شك أن امرأة فرعون عاشت مطيعة لأوامر زوجها (فرعون) وقوانين حكومته، ومع ذلك جعلها الله مثلًا للمؤمنين، فالله الحمد على هذا التيسير والتخفيف.
ومعروف للجميع ما ذكر الله لنا عن يوسف -عليه السلام- من قبوله الوظيفة تحت الملك الكافر كما يعرف الجميع أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - بعث جماعة من الصحابة إلى الحبشة يطلبون الأمن، ولم يعملوا هناك انقلابًا ثوريًا ضد النجاشي، بل عاشوا مطمئنين هادئين.
وعلى هذا الأساس حرفوا معاني الآيات التي جاء فيها الأمر بعبادة الله، والنهي عن عبادة غيره، كما فسروا الطاغوت بإطاعة قوانين الحكومة غير المسلمة، رغم ما اتفق عليه المفسرون من أن المراد من عبادة الطاغوت عبادة اللآلهة الباطلة.