قال كعب: حتى إذا طال ذلك عليَّ من جفوة المسلمين مشيتُ حتى تسوَّرتُ جدار حائط أبي قتادة [بستانه] وهو ابن عمي وأحبُّ الناس إليَّ، فسلمتُ عليه فوالله ما رَدَّ عليَّ السلام.
فقلت له: يا أبا قتادة أنشدك بالله هل تَعْلَمُنى أحب الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -؟ فسكت، فعدتُ فناشدته، فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليتُ حتى تسورتُ الجدار.
[ملك غسان يطمع في كعب]
قال كعب: فبينما أنا أمشي في سوق المدينة إذا نبطي [فلاح] من نبَط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: مَن يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يُشيرون له إليَّ!!! حتى جاءني، فدفع إليَّ كتابًا من ملك غسان
[وكان نصرانيًا] وكنت كاتبًا فقرأته، فإذا فيه:
"أما بعد فإنه قد بلغنا أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مَضيعة فالحقْ بنا نُواسِكْ"!!
فقلت حين قرأتها: وهذه أيضًا من البلاء، فتيممتُ [فقصدت] بها التنور فسجَرتها بها [حرقت الكتاب].