للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الإستعانة الجائزة]

وإن قصد بهذا الالتفات الإستعانة بالمخلوق الحي الحاضر فيما يقدر عليه كما يظهر من قوله: "فأي إنسان لم تخف نفسه من غير قصد إلى التماس العون من ذوي الجاه والسلطان"؛ فهذا مباحٌ، وقد تجنى الأستاذ على دعوة الشيخ في قوله:

إنها تكفِّر مَنْ فعل ذلك وتعدُّه ملحدًا.

وهو يردّ على نفسه ويتناقض في قوله حين يقول: "وصاحب الدعوة قد مد يده إلى أمير العُيينة أولًا، ثم إلى الأمير محمد بن سعود ثانيًا".

فقد ردَّ على نفسه فيما نسبه إلى هذه الدعوة، ونحن نزيده بيانًا في هذه المسألةُ من كلام الشيخ محمد بن عبد الوهاب، حيث يقول -رحمه الله- في كشف الشبهات ما نصه:

"فإن الإستغاثة بالمخلوق فيما يقدر عليه لا ننكرها؛ كما قال الله تعالى في قصة موسى: {فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِنْ شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ}

وكما يستغيث الإِنسان بأصحابه في الحرب أو غيره في أشياء يقدر عليها المخلوق، ونحن أنكرنا استغاثة العبادة التي يفعلونها عند قبور الأولياء، أو في غيبتهم، في الأشياء التي لا يقدر عليها إِلا الله" اهـ.

وأما قوله عن تعلُّق بعض الجهلة بالأضرحة: "إنهم ضلوا الطريق، فلم يتعرَّفوا على الأسباب الصحيحة، ومثل هذا يوصف بالجهل، ولا يُتَّهم صاحِبه بالكفر والخروج عن الدين"

فنقول له: من تعلق على الأضرحة عن جهل؛ بُيِّن له الحق، ودُعِي إلى التوحيد، فإن أصر على التعلّق بالأضرحة بعد ذلك؛ يستغيث بها، ويطلب الحاجات منها؛ فهو كافر خارج عن الدين؛ كشأن المشركين الأوَّلين الذين دعاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى التوحيد، فأبوا، وقالوا: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا}؛ لأن الجهل يَزُولُ بالبيان، ولا يبقى على الضَّلَالِ بعد البيان إِلا معاندٌ للحق.

<<  <  ج: ص:  >  >>