[التوسل بالأحياء لا بالأموات]
١ - هناك أحاديث ضعيفة في التوسل يستشهد بها الذين يجيزون التوسل بكل أنواعه، ويتركون الأحاديث الصحيحة في التوسل بأسماء الله وصفاته، والتوسل بأعمال الإنسان الصالحة، والتوسل بطلب الدعاء من الأحياء الصالحين، أو يتأولونها على غير وجهها والمراد منها، كما يتأولون طلب عمر بن الخطاب من العباس أن يدعو لهم بنزول المطر، ولم يطلب من الرسول بعد وفاته، فقالوا: هذا يدل على جواز الطلب من المفضول مع وجود الفاضل، وهذا خطأ كبير.
٢ - ولو كان طلب الدعاء من الميت جائزًا لفعله الصحابة ولو مرة واحدة، ولا سيما مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - الذي هو أفضل الخلق، ولكنهم لم يفعلوا، لأنهم عرفوا أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع طلبهم، حتى السلام عليه - صلى الله عليه وسلم - لا يسمعه إلا بواسطة الملائكة لقوله - صلى الله عليه وسلم -:
"إن لله ملائكة سيَّاحين في الأرض يُبلغوني عن أُمتي السلام" "صححه الحاكم ووافقه الذهبي" وعرف الصحابة رضوان الله عليهم أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يستطيع أن يدعو لهم بعد انتقاله إلى الرفيق الأعلى لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا مات الإِنسان انقطع عمله إلا مِن ثلاث: صدقة جارية، أو عِلم يُنتفع به، أو ولد صالح يدعو له". "رواه مسلم"
والرسول - صلى الله عليه وسلم - داخل في هذا الحديث لأن الله تعالى يقول: {إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ}. "سورة الزمر: ٣٠"
٣ - ولكن الرسول - صلى الله عليه وسلم - وغيره من الأنبياء تبقى أجسامهم لا تبلى كغيرهم من الأموات، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: "إن الله حَرَّمَ على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" "صحيح رواه أبو داود"
وحياته - صلى الله عليه وسلم - في قبره حياة برزخية، تُرَدُّ إليه روحه حين تُبلغه الملائكة السلام.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما مِن أحد يُسلم عليَّ إلا رَدَّ الله علي روحي حتى أرُدُّ -عليه السلام-".
"رواه أبو داود وحسن إسناده الشيخ الألباني في المشكاة"
مفهوم الحديث: أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا يسمع السلام عليه، ولا يَرُدُّ عليه، إلا بعد رَدِّ روحه عليه، وهي خاصة به - صلى الله عليه وسلم -.
وحياته - صلى الله عليه وسلم - في قبره، ليست كحياتنا، ولو كان كذلك لما ترك الصحابة الصلاة خلفه، ولرجعوا إليه فيما اختلفوا فيه، ولكنهم لم يفعلوا ذلك، بل رجعوا إلى كتاب ربهم، وسنة نبيهم - صلى الله عليه وسلم -.