واستقبل عدوًا كثيرًا، فجلَّى للمسلمين أمرهم [وضَّح] ليتأهبوا أهبة غزوهم [ليستعدوا] فأخبرهم بوجهه الذي يريد [بمقصده]، والمسلمون مع رسول الله كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ: يريد الديوان [سجل الجندية].
قال كعب: فقلَّ رجل يُريد أن يتغيّب إلا ظنَّ أن ذلك سيخفى (لكثرة الجيش) ما لم ينزل فيه وحي الله.
وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال فأنا إليها أصْعَرُ [أميلُ].
[كعب يتردد في الجهاد]
فتجهز رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمسلمون معه، وطَفقتُ أغدو لكي أتجهَّز معهم، فأرجع ولم أقض شيئًا، وأقول في نفسني: أنا قادر على ذلك إذا أردت؛ فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى استمر بالناس الجد [سافروا]، فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم غاديًا والمسلمون معه، ولم أقض من جهازي شيئًا، ثم غَدوتُ فرجعت ولم أقض شيئًا.
فلم يزل ذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارطَ الغزوُ [سبقوا] فهممت أن أرتحل فأُدركهم، فيا ليتني فعلت، ثم لم يُقَدَّرْ لي ذلك.
فطفقتُ إذا خرجتُ في الناسِ بعد خروج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يَحْزُنني أني لا أرى لي أُسْوَةَ إلا رجلاً مغموصًا عليه [مطعونًا] في النفاق أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء.