هذا ولا بد من بيان ناحية هامة تتعلق بهذا الموضوع، وهي أننا حينما ننفي التوسل بجاه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وجاه غيره من الأنبياء والصالحين فليس ذلك لأننا ننكر أن يكون لهم جاه، أو قدر أو مكانة عند الله، كما أنه ليس ذلك لأننا نبغضهم، وننكر قدرهم، ومنزلتهم عند الله، ولا تشعر أفئدتنا بمحبتهم، كما افترى علينا الدكتور البوطي في كتابه.
(فقه السيرة ص ٣٥٤) فقال ما نصه: "فقد ضل أقوام لم تشعر أفئدتهم بمحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وراحوا يستنكرون التوسل بذاته - صلى الله عليه وسلم - بعد وفاته .. ".
كلا ثم كلا، فنحن ولله الحمد من أشد الناس تقديرًا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأكثرهم حُبًا له، واعترافًا بفضله - صلى الله عليه وسلم -، وإن دلَّ هذا الكلام على شيء فإنما يدل على الحقد الأعمى الذي يملأ قلوب أعداء الدعوة السلفية على هذه الدعوة وعلى أصحابها، حتى يحملهم على أن يركبوا هذا المركب الخطر الصعب، ويقترفوا هذه الجريمة البشعة النكراء، ويأكلوا لحوم إخوانهم المسلمين، ويكفرونهم دونما دليل، اللهم إلا الظن الذي هو أكذب الحديث، كما قال النبي الأكرم - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والظن، فإن الظن أكذب الحديث). "متفق عليه"
ولا أدري كيف سمح هذا المؤلف الظالم لنفسه أن يصدر مثل هذا الحكم الذي لا يستطيع إصداره إلا الله -عَزَّ وَجَلَّ-، المطلع وحده على خفايا القلوب ومكنونات الصدور، ولا تخفى عليه خافية.
أتراه لا يعلم جزاء من يفعل ذلك، أم أنه يعلم، ولكنه أعماه الحقد الأسود والتحامل الدفين على دعاة السنة؟ أي الأمرين كان فإننا نذكره بهذين الحديثين الشريفين لعله ينزجر عن غَيِّه، ويفيق من غفلته، ويتوب من فعلته.
قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:
"أيما رجل أكفرَ رجلاً مسلمًا فإن كان كافر وإلا كان هو الكافر". "متفق عليه"
وقال - عليه أفضل الصلاة والسلام -:
(إن من أربى الربى الإستطالة في عرض المسلم بغير حق)"رواه أحمد وأبو داود وإسناده صحيح" كما نقول له أخيرًا: ترى هل دريت يا هذا بأنك حينما تقول ذاك الكلام فإنك ترد على سلف هذه الأُمة الصالح، وتُكفر أئمتها المجتهدين ممن لا يجيز التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - وغيره بعد وفاتهم كالإِمام أبي حنيفة وأصحابه -رحمهم الله تعالى-، وقد قال أبو حنيفة: