يحتجون على جواز التوسل بجاه الأشخاص وحرمتهم وحقهم بحديث أنس:
(أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب، فقال: اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقنا. قال فيُسقَون). "رواه البخاري"
فيفهمون مِن هذا الحديث أن توسل عمر -رضي الله عنه- إنما كان بجاه العباس -رضي الله عنه-، ومكانه عند الله سبحانه، وأن توسله كان مجرد ذكر منه للعباس في دعائه، وطَلَبٍ منه لله أن يسقيهم من أجله، وقد أقره الصحابة على ذلك، فأفاد بزعمهم ما يدعون.
وأما سبب عدول عمر -رضي الله عنه- عن التوسل بالرسول - صلى الله عليه وسلم - بزعمهم- وتوسله بالعباس، فإنما كان لبيان جواز التوسل بالمفضول، مع وجود الفاضل لا غير، وفهمهم هذا خاطىء، وتفسيرهم هذا مردود من وجوه كثيرة أهمها:
١ - أن عمر -رضي الله عنه- صرح بأنهم كانوا يتوسلون بنبينا - صلى الله عليه وسلم - في حياته، وأنه في هذه الحادثة توسل بعمه العباس، ومما لا شك فيه أن التوسلين من نوع واحد: توسلهم بالرسول - صلى الله عليه وسلم -، وتوسلهم بالعباس، وإذ تبين للقارىء أن توسلهم به - صلى الله عليه وسلم - إنما كان توسلًا بدعائه - صلى الله عليه وسلم -، فتكون النتيجة أن توسلهم بالعباس إنما هو توسل بدعائه أيضًا، بضرورة أن التوسلين من نوع واحد.
٢ - أن طريقة توسل الأصحاب الكرام بالنبي - صلى الله عليه وسلم - إنما كانت إذا رغبوا في قضاء حاجة، أو كشف نازلة أن يذهبوا إليه - صلى الله عليه وسلم -، ويطلبوا منه مباشرة أن يدعو لهم ربه، أي أنهم كانوا يتوسلون إلى الله تعالى بدعاء الرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - ليس غير.
٣ - فهذه الاحاديث وأمثالها مما وقع في زمن النبي - صلى الله عليه وسلم - وزمن أصحابه الكرام رضوان الله عليهم تُبين بما لا يقبل الجدال أو المماراة أن التوسل بالنبي - صلى الله عليه وسلم - أو بالصالحين الذي كان عليه السلف الصالح هو مجيء المتوسِّل إلى المتوسَّل به وعرضه حاله له، وطلبه منه أن يدعوا له الله سبحانه، ليحقق طلبه، فيستجيب هذا له، ويستجيب من ثم الله