للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[موعظة الرسول عند دفن الميت]

ويجوز الجلوس عنده أثناء الدفن بقصد تذكير الحاضرين بالموت وما بعده، لحديث البراء بن عازب قال:

"خرجنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في جنازة رجل من الأنصار، فانتهينا إلى القبر ولما يُلحَد، فجلس رسول الله - صلى الله عليه وسلم -[مستقبلاً القبلة] وجلسنا حوله، وكأن على رؤوسنا الطير، وفي يده عود ينكت في الأرض، [فجعل ينظر إلى السماء، وينظر إلى الأرض، وجعل يرفع بصره ويخفضه ثلاثاً]، فقال:

استعيذوا بالله من عذاب القبر، مرتين، أو ثلاثاً.

[ثم قال: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر] [ثلاثاً]، ثم قال:

إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا، وإقبال من الآخرة، نزل إليه ملائكة من السماء، بيض الوجوه، كان وجوههم الشمس، معهم كفن من أكفان الجنة، وحَنوط (١) من حنوط الجنة، حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجيء ملَك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول: أيتها النفس الطيبة (وفي رواية: المطمئنة)، أُخرجُي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال: فتخرج تسيل كما تسيل القطرة مِن فِيِّ السقاء، فيأخذها، (وفي رواية: حتى إذا خرجت روحه صلَّى عليه كل مَلك بين السماء والأرض، وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يُعرَج بروحه من قِبَلِهم)، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن، وفي ذلك الحنوط، فذلك قوله تعالى: {تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ}. [سورة الأنعام، آيه ٦١]

ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وُجدت على وجه الأرض، قال: فيصعدون بها فلا يمرون -يعني- بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا: ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون: فلان ابن فلان - بأحسن اسمائه التي كانوا يُسمونه بها في الدنيا، حتى ينتهوا بها إلى


(١) الحنوط: ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة.

<<  <  ج: ص:  >  >>