القرآن الكريم تطرق لموضوعات شتى هامة كالأمر والنهي، والوعد والوعيد،
والحكم والأمثال، والوعظ والقصص، وذكر المغيبات، والعلوم الكونية، ومظاهر الخلق، ودلائل البعث والنشور، وغير ذلك من الأمور المهمة.
وحين نتدبر القرآن في كل هذه المواضيع والأغراض نجدها في منتهى البلاغة
والبراعة وغاية الانسجام والتوافق والالتئام، أوله يشبه آخره، ويشبه بعضه بعضاً في الحسن، ولا يمل قارؤه، ولا يسأم مجوده، ولا يشك متدبره، يزيد المتقين هدى، والمؤمنين إيماناً، وذلك أنه في غاية الترابط والتلاحم، أوله يصدق آخره.
إن نظم القرآن وترتيبه على الوجه المعهود، المباين والمخالف لأنظمة الكتب المؤلفة، وهو مع ذلك متناسب الآي والسور في المعاني والمباني والموضوعات، كأنه وحدة واحدة متكاملة - دليل مادي على أنه ليس بكتاب وضعي بشرِي، يجلس إليه واضعه من الناس، فيجعل لكل طائفة من معلوماته المتناسبة فصلًا، ولكل مجموعة من فصوله المتتابعة باباً، بل هو مجموعة هدايات من الوحي الِإلهي اقتضتها الحكمة، ودعت إليها المصلحة، لا تجد فيها خللًا ولا تناقضاً، بل تأخذ برقاب بعضها كأنها موضوع واحد. [انظر رسالة موهم الاختلاف والتناقض في القرآن الكريم للشيخ ياسر أحمد علي الشمالي]
يقول الشيخ الزرقاني: إن هذا المزيج الطريف الذي نجده في كل سورة، أو طائفة منه، له أثر بالغ في التذاذ قارئه، وتشويق سامعه، واستفادة المستفيد بأنواع متنوعة منه، فما أشبه كل مجموعة من القرآن بروضة يانعة، يتنقل الِإنسان بين أفيائها، متمتعاً بكل الثمرات، أو بمائدة حافلة بشتى الأطعمة، يُشبع الجائع حاجته بما فيها من جميع الألوان. [انظر مناهل العرفان ج ١/ ٨٠]
ويقول الدكتور محمد عبد الله دراز: إنك لتقرأ السورة الطويلة المنسجمة، يحسبها الجاهل أضغاثاً من المعاني حشيت حشواً، وأوزاعاً من المباني جمعت عفواً، فإذا هي