قال ابن كثير: أي مهما أمركم به فافعلوه، ومهما نهاكم عنه فاجتنبوه، فإنه يأمر بخير، وإنما ينهى عن شر.
عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال:"لعن الله الواشمات والمستوشمات، والمتنَمصات والمتفلجات للحسن المغَيرات خلق الله -عَزَّ وَجَلَّ-". قال فبلغ امرأة من بني أسد في البيت يقال لها أم يعقوب، فجاءت إليه، فقالت: بلغني أنك قلت كيت وكيت. قال ما لي لا ألعن من لعن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وفي كتاب الله تعالى، فقالت: إني لأقرأ بين لوحيه فما وجدته، فقال:"إن كنت قرأتيه فقد وجدتيه. أما قرأت: {وما آتاكم الرسول فخذوه، وما نهاكم عنه فانتهوا"، قالت: بلى، قال: فإنه قد نهى عنه، قالت: فإني أرى أهلك يفعلونه، قال: اذهبي فانظري، فذهبَتْ فلم ترَ من حاجتها شيئاً، فجاءت فقالت: ما رأيت شيئاً. قال: لو كان كذا لم تجامعنا". [متفق عليه][٤/ ٣٣٦]
وفي رواية "ما جامَعَتنا". [كما في البخاري نفسير سورة الحشر]
(المراد: الإجتماع أي لم تجتمع بنا). [فتح الباري ج ٨/ ٦٣١]
وقال - صلى الله عليه وسلم -: "إذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فاجتنبوه". [متفق عليه]
أقول: هذه الآية تنطبق على كل ما أمر به الرسول على من صدق وأمانة، ووفاء ووَعدٍ وإعفاء لحية، وغير ذلك من الأوامر، فقد كنت منذ سنين طويلة أدرس في الحرم المكي، وأنصح الحجاج أن يعفوا لحاهم، ويقصوا شواربهم كما أمر به الرسول - صلى الله عليه وسلم -، فقام رجل من الحاضرين وطلب مني الدليل من القرآن الكريم على وجوبها، فقلت له: اقرأ قوله تعالى: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا}. [الحشر ٧]
وقد أمرنا الرسول - صلى الله عليه وسلم - بإعفاء اللحية، فقال: لي صدقت، وبعد أيام أعفى لحيته.