قال كعب: ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله: قد ضاقت علَي نفسي، وضاقت عليَّ الأرض بما رحُبَت، سَمعْتُ صوت صارخ أو فى [صعد] على سلع [جبل] يقول بأعلى صوته: يا كعبُ بن مالك أبشرْ، فخررتُ ساجدًا، وعرفت أن قد جاء فَرَجٌ، وآذن رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - جميع الناس بتوبة الله -عَزَّ وَجَلَّ- علينا حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يُبشروننا: فذهب قِبلَ صاحبَيَّ، مُبشرون وركض إليَّ رجل فرسًا [استحثه للِإسراع]، وسعى ساع من "أسلم" قِبَلَي وأوفى على الجبل، فكان الصوت أسرع من الفرس.
[كعب يتصدق للبشرى]
قال كعب: فلما جاءني الذي سمعتُ صوته يبشرني نزعت له ثَوبيَّ فكسوتهم إياه ببشارته -والله ما أملك غيرَهما يومئذٍ- واستعرتُ ثوبين ولبستهما؛ وانطلقتُ أتأمم [أقصد] رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتلقاني الناس فوجًا فوجًا يُهنئوني بالتوبة ويقولون: لِتَهنِكَ توبة الله عليك، حتى إذا دخلت المسجد فإذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جالس حوله الناس فقام طلحة بن عبيد الله يُهرول حتى صافحني وهنأني، والله ما قام رجل من المهاجرين غيره إ! فكان كَعب لا ينساها لطلحة.