كنت أقرأ على الشيخ الذي درست عليه حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-: وهو قوله - صلى الله عليه وسلم -:
(إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله). "رواه الترمذي وقال: حسن صحيح"
فأعجبني شرح النووي حين قال:"ثم إن كانت الحاجة التي يسألها، لم تجر
العادة بجريانها على أيدي خلقه، كطلب الهداية والعلم. . وشفاء المرضى وحصول العافية سأل ربه ذلك، وأما سؤال الخلق والإعتماد عليهم فمذموم".
فقلت للشيخ هذا الحديث وشرحه يفيد عدم جواز الإستعانة بغير الله، فقال لي: بل تجوز!! قلت وما دليلك؟ فغضب الشيخ وصاح قائلًا: إن عمتي تقول يا شيخ سعد (وهو مدفون في مسجد تستعين به) فأقول لها يا عمتي وهل ينفعك الشيخ سعد؟ فتقول: أدعوه فيتدخل على الله فيشفيني!!
قلت له: إنك رجل عالم قضيت عمرك في قراءة الكتب، ثم تأخذ عقيدتك من عمتك الجاهلة! فقال لي عندك أفكار وهابية، أنت تذهب للعمرة وتأتي بكتب وهابية!!!!
وكنت لا أعرف شيئًا عن الوهابية إلا ما أسمعه من المشايخ: فيقولون عنهم: الوهابيون مخالفون للناس لا يؤمنون بالأولياء وكراماتهم، ولا يحبون الرسول - صلى الله عليه وسلم -، وغيرها من الإتهامات الكاذبة! فقلت في نفسي إن كانت الوهابية تؤمن بالإستعانة بالله وحده، وأن الشافي هو الله وحده، فيجب أن أتعرف عليها، سألت عن جماعتها فقالوا: لهم مكان يجتمعون فيه مساء الخميس، لإِلقاء دروس في التفسير والحديث والفقه، فذهبت إليهم مع أولادي وبعض الشباب المثقف، فدخلنا غرفة كبيرة، وجلسنا ننتظر الدرس، وبعد فترة دخل علينا شيخ كبير السن، فسلم علينا وصافحنا جميعًا مبتدئًا بيمينه، ثم جلس على مقعد، ولم يقم له أحد، فقلت في نفسي هذا الشيخ متواضع لا يحب القيام.
بدأ الشيخ الدرس بقوله:(إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره) إلى آخر الخطبة التي كان الرسول - صلى الله عليه وسلم - يفتتح بها خطبه ودروسه، ويتكلم باللغة العربية الفصحى، ويورد الأحاديث، ويبين صحتها وراويها، ويصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم - كلما ذكر اسمه، وأخيرًا وُجِّهت له الأسئلة المكتوبة على الأوراق، فكان يجيب عليها بالدليل من القرآن والسنة، ويناقشه بعض الحاضرين فلا يرد سائلًا، وقد قال في آخر درسه: الحمد لله على أننا مسلمون وسلفيون (هم الذين يتبعون السلف الصالح: الرسول - صلى الله عليه وسلم - وصحابته)،